غزل البراغيث

TT

للبراغيث مكانة خاصة في الأدب العربي، ربما تجاوزت ما قاله الجواهري في الضفادع أو ما قاله عبد الرزاق عبد الواحد في صدام حسين. قد يكون ذلك بسبب ما عاناه الشعراء منها. ولكنهم عانوا ايضا من القمل ولم يقولوا الكثير عنه. وهو تمييز عنصري في رأيي ضد معشر القمل. قد يرجع الأمر لأن البرغوث ينط والقمل لا ينط. والشعراء معتادون على النط ويحبونه ويجيدونه. تراهم في كل يوم ينطون من مدح هذا الرئيس الى مدح ذاك الرئيس، ومدح النظام البائد إلى مدح النظام السائد. وهو ما تأبى حتى البراغيث أن تفعله كما اكتشفت.

اعتقد أن المعري كان من أول من أشاد بحقوق البراغيث ومكانتها في المجتمع العربي فقال:

تسريح كفك برغوثا ظفرت به

أبر من درهم تعطيه محتاجا

ولا بد ان وجدت البراغيث ملاذا طيبا لها في بيت الأديب المصري محجوب ثابت. ربما كان يجري تجارب طبية عليها بحكم كونه دكتورا. ولكن أحمد شوقي لم يستسغ هذه الهواية، أو ربما لأن البراغيث لم تستسغ شاعرية امير الشعراء وتملقه للحكام، فشنت عليه حملة مؤلمة، بحيث لم يخرج من بيت الدكتور، الا وقال فيها هذا الشعر المأثور:

* براغيث محجوب لم أنسها

ولم انس ما طعمت من دمي

* تشق خراطيمها جوربي

وتنفذ في اللحم والأعظم

* قد انتشرت جوقة جوقة

كما رشت الأرض بالسمسم

* ترحب بالضيف فوق الطريق

فباب العيادة فالسلم

بيد أن الصافي النجفي المعروف بحبه للحيوانات وعطفه عليها وشغفه الرقيق بها، كانت له أمنية في ان يحوله الله عز وجل الى برغوثة، ليستطيع عندئذ ان يتسلل الى داخل ثياب امرأة حسناء التقى بها وهام بحسن قوامها. ويظهر انه قد حسد البراغيث على تمكنهم من التوغل تحت ثياب الحسان .

فقال الشاعر الرومانسي:

* يا ليتني برغوثة ادخل في ثيابها

* ارقص فوق جسمها انساب في إهابها

* أنال منها بغيتي بالرغم من حجابها

* ألثمها في فرعها لمنتهى كعابها

* وتارة أغدو كخل لاصقا شوقا بها

* أجثم فوق خدها أرنو إلى رضابها

* أقرصها حينا ولا أبغي سوى دعابها

* أسومها دغدغة على ذرى عنابها

* هذه هي النسخة المحتشمة من القصيدة، ولكن لها نسخة أخرى بكلمات لا يليق بكاتب مثلي يخاف ربه أن ينطق بها.