يلعن أبو الفقر

TT

الآنسة (ملينا شيكا زباتا) ـ وهذا اسمها الثلاثي ـ من دولة كولومبيا، كانت عاملة نظافة في نيويورك، وبينما كانت ذات يوم بارد تكنس الثلج في الشارع وتمسح (مخاطينها)، وإذا بها تعثر بالصدفة على دولار ساقط فتفاءلت به، واشترت به رأساً ورقة (يانصيب) واختارت أرقامها وفق أرقام الدولار تماماً، وبعد يومين أعلنوا النتائج فإذا بها تكسب الجائزة الأولى وقدرها (391) ألف دولار.

أختنا (ملينا) فرحت جداً بهذا المكسب غير المتوقع ـ ويحق لها أن تفرح ـ، ولو اني كنت في محلها لتخانقت مع أول رجل أقابله في الشارع من شدة الفرح.

المهم أن هذه الآنسة الكولومبية قطعت مكوثها في نيويورك ولم يرد رجلها غير عاصمة بلادها (بوغوتا)، وهناك اشترت فندقا من (نجمتين)، ودفنت بشرائها ذاك حياة الفقر والعوز الذي (تشحوطت) وتغربت بسببه إلى نيويورك.

وقالت الكلمة الخالدة التي ارددها أنا دائماً كلما وجدت جيوبي خالية: يلعن أبو الفقر.

انتعشت (ملينا) العزباء التي لا تملك أي عنصر من مقومات الجمال، ومع ذلك تهافت الخطّاب والعرسان عليها.

وفي يوم أغبر، قررت أن تضع حداً لعزوبيتها لتتمتع على الأقل بما وهبها الله من طاقة خلاقة، وفعلاً اقترنت بمن توسمت فيه الشهامة والفحولة والكياسة.

وأسعدها ذاك الرجل لعام كامل أيما سعادة، وكان لا يتركها وحدها أبداً (لا ليل ولا نهار)، وكان سكنهما في غرفة مجهزة في الطابق الخامس الأعلى من الفندق.

غير أن ذلك الرجل الشهم الفحل الكيس بدأ ينهد حيله ويتعب ويمل بعد أكثر من اثني عشر شهرا من هذا الشغل والمعاناة، خصوصاً وهو يشاهد الزبائن ـ خصوصاً بعض بنات حواء ـ ممن يدخلن ويخرجن من الفندق وهن يتضاحكن ويتمرقصن ويتغامزن، وبعض تلك الغمزات كانت موجهة له رأساً من دون أي وسيط.

فانضرب الأهبل على رأسه، وارتبط مع إحداهن بطريقة غير مشروعة، وكان يتحين الفرص عندما تذهب زوجته في (مشوار) ما، ليفعل (البطيط) مع عشيقته.

وبما أن حبل الخيانة مثلما هو حبل الكذب تماماً ـ كلاهما قصير ولا بد أن يفتضح.. فقد دخلت (ملينا) يوماً فجأة على بعلها، فإذا به مع عشيقته في وضع غير لائق، فما كان منها إلاّ أن تناولت مسدسها من داخل الدرج وأفرغت رصاصاته الست في زوجها وعشيقته، ونال كل واحد منهما ثلاث رصاصات بالعدل والتساوي. قبض على (ملينا) وأودعت السجن وحكم عليها بالإعدام.

وهذا كله كان من بركات (اليانصيب) ـ ولا أنسى (الدولار) الذي تسيل (سعابيل) كل شعوب العالم الثالث عليه.

هل أقول الآن: يلعن أبو الفقر، أم أبو الدولار؟!

وبعد أن قرأت هذه الحادثة من يومها وأنا أتشاءم من الدولار (الله يخزيه)، فغيرت عملتي التي في حوزتي كلها إلى (الشلن) الصومالي ـ مع احترامي الشديد لإخواني أهل صوماليا.

[email protected]