الإعلام الجديد: شكرا العرب يقرأون

TT

بخلاف الشائع في منطقتنا العربية، فإن الاهتمام بالمكتوب يزداد، وعدد القراء يتضاعف، وحجم الأمية الثقافية يتناقص. السر يكمن في ظهور الاعلام الجديد، وخاصة الاعلام الشعبي مثل الانترنت، والمجاميع البريدية الالكترونية، والتلفزيون التفاعلي، والرسائل الهاتفية النصية القصيرة، وخدمات الوسائط المتعددة، وغيرها، التي هي على وشك ان تبتلع الاعلام التقليدي.

فنصف سكان الكرة الأرضية يستخدمون اليوم الهاتف المتنقل «الجوال» وخمس سكان العالم يستخدم شبكة الإنترنت.

هذا السيل الهادر من وسائل الاتصال، بات يغرق العالم العربي أيضا، ويوجه العقل العربي، ويؤثر بشكل غير مسبوق في الرأي العام. ومهم ان اكرر القول بأنه من الصعب التكهن بحجم التغيير الذي يحدثه الاعلام الجديد وفي اي اتجاه سيأخذنا، وكذلك من الصعب حساب قدرة هذه الوسائل على التغيير الاجتماعي، بما يعنيه ذلك سياسيا وثقافيا واقتصاديا. الدراسات اليوم تشير إلى أن ميزة الاعلام الجديد انه ليس حكرا على النخبة المتعلمة او الميسورة، بل يتهافت عليه الناس، بمن فيهم الأقل ثقافة والأقل دخلا. هذه الفئات المحرومة سابقا من التواصل الاعلامي النوعي، نراها تتعاطى بشكل متزايد الإعلام الجديد. ونستطيع ان نرصد انتشارها في المجتمعات العربية الغنية والفقيرة، الصغيرة والمزدحمة. فالإعلام النوعي كان يفصل بين الفئات في داخل المجتمع الواحد، وكان يخاطب وينقل عن والى فئة شبه واحدة، المتعلمة الميسورة نسبيا.

الانتشار السهل والسريع للاعلام الجديد جعله وسيلة شعبية حيث بدأت الحكومات تستخدمه ايضا في تقديم خدماتها للأفراد، والتخلص من البيروقراطية عبر ما يسمى بالحكومة الالكترونية، وبالتالي التأثير على الرأي العام. بعض المؤسسات الرسمية تجاوزت المألوف واستخدمت الرسائل القصيرة، فحكومة هونغ كونغ بعثت نحو 6 ملايين رسالة نصية قصيرة، لإحباط إشاعة أن المدينة وصلها وباء الالتهاب الرئوي الحاد المعروف باسم سارس.

ويكاد لا يوجد مجتمع عربي لم يتداول افكارا، واخبارا، واحتجاجات، وصورا، وطرائف ذات توجيه سياسي، او اجتماعي، او اقتصادي. وبعضها اضطر الحكومات الى اتخاذ قرارات او التراجع عن قرارات بسبب الاحتجاج الجماهيري الواسع الذي تقوم كل الحكومات برصده في غرف مغلقة.

ففي مصر صورة واحدة التقطت عبر الهاتف اعتدى فيها بعض رجال الشرطة على مواطن فتحت تحقيقا فيها، وفتحت ملف اساءة معاملة بعض الشرطة للناس. وهذا الأمر تكرر، التصوير والاحتجاج عمليا في كل الدول العربية في السعودية، وتونس، والمغرب، واستخدم الهاتف للشكوى أيضا في العراق. واستخدم انصار حماس وفتح في فلسطين الاعلام الجديد للتأثير على الرأي العام في الضفة الغربية وقطاع غزة ضد بعضهما البعض.

فطلاب الإصلاح، ودعاة الفوضى أيضا، في المجتمع يعرفون تمام المعرفة، أن الإعلام الجديد أسرع في التأثير على الرأي العام من الإعلام التقليدي. يكاد لا يخلو جيب من هاتف جوال، ويتمتع بأنه عليه قيود وقوانين أقل.

[email protected]