اغتيال بوتو.. نسف إحساس التفاؤل بالعام الجديد

TT

مرة أخرى خرق العالم الخارجي البارد والقاسي هدوء موسم العطلات. إذ جلب اغتيال بي نظير بوتو بعد يومين من عيد الميلاد، نهاية صادمة لوقت الاحتفال المسالم وحطم أي احساس بالتفاؤل بالعام الجديد.

ولم تمض اكثر من 24 ساعة على تصريح المرشح مايك هكابي المرح أمام الصحافيين في ولاية أيوا خلال رحلة صيد، حيث قال إن الطيور الثلاثة الاولى التي تمكن من إسقاطها سيطلق عليها أسماء منافسيه الثلاثة في السباق الرئاسي. لكن تلك النكتة ماتت مع بوتو.

وفجأة أصبحت المواضيع الحقيقية التي هي موضع التنافس الرئاسي أكبر بكثير مما كانت عليه، مع الاعتراف بأن الخيار المطروح أمام الشعب الأميركي هو أن اختيارهم ستكون له عواقب أبعد بكثير من دائرة المؤتمرات الانتخابية في أيوا وفي أماكن الانتخابات بنيو هامشاير.

هل هناك عالم خطير في الخارج، خصوصا بالنسبة لمن يجسدون الأمل لشعوبهم وحرية أصدقائهم في أماكن أصبح التطرف والقمع فيها مألوفا جدا؟

فالسياسة الخارجية الأميركية ظلت مهتمة بالعراق لخمس سنوات تقريبا حتى الآن والوضع في باكستان في حالة تدهور خلال تلك السنوات. فبرويز مشرف الذي اعتمدت الولايات المتحدة عليه باعتباره الرجل القوي للحفاظ على النظام في باكستان، أصبح مشكلة في حد ذاته مثل فلاديمير بوتين.

وفي أماكن مثل باكستان من المتوقع للرئيس الأميركي المقبل أن يواجه تحديات هي الأكثر صعوبة، وحياة الكثير من الأميركيين ستعتمد على قراراته في هذا المجال.

هناك أماكن مثل هذه في هذا العالم. فمن دارفور إلى كوريا الشمالية ومن قطاع غزة إلى الكرملين، فإرادة وحكمة الولايات المتحدة وقيادتها ظلت موضع اختبار كل يوم. أسامة بن لادن تمكن من الإفلات من كل المصائد التي نصبتها الولايات المتحدة له وما زال الإرهابيون يشكلون تهديدا على الأمم الغربية.

وفي ازمة باكستان لا يمكن لأحد أن يكون متأكدا من اية خبرة وأي مزاج يمكن أن يؤهل رئيسا على نحو أفضل للتعامل مع التباسات مجتمع اسلامي فيه ديمقراطية هشة تحت ظل شكل من اشكال القانون العسكري وتعصف به الان خلافات بشأن مقتل زعيمة عائدة مطالبة بالسلطة، شخصية لديها تاريخها الخاص المثير للجدل.

ولكنني وجدت نفسي أفكر بشيء ما كنت قد اخبرت عنه قبل سنوات كثيرة من جانب بيل برادلي، السناتور السابق من نيوجيرسي، قبل ان يرشح نفسه لانتخابات الديمقراطيين ضد آل غور عام 2000. وكان برادلي يفسر سبب ابعاده نفسه كزميل مرشح مع مايكل دوكاكيس عام 1988. قال انه لا يجب عليك الترشح لمنصب نائب الرئيس ما لم تعتقد أنك مستعد لأن تكون رئيسا، ولم يعتبر نفسه مستعدا لذلك.

لماذا؟ قال انه يعتقد ان رئيس الولايات المتحدة بحاجة الى معرفة عدد آخر من الدول الكبرى «من الداخل» وليس فقط على مستوى كتاب موجز وإنما من خلال الملاحظة المباشرة، حتى يمكنك أن تفهم الضغوط التي يواجهها زعماؤها عندما تجلس للتفاوض معهم. وكان برادلي قد بدأ مثل هذه الدراسات في الاتحاد السوفيايتي واليابان وألمانيا والمكسيك، حسب قوله، ولكن كان لديه الكثير للقيام به في كل الأماكن الأربعة وفي الصين.

وأضاف ان الرئيس يعرف من ثم النخبة القائدة في هذا البلد ليس في مجال السياسة فقط وإنما في مجالات الاعمال والمهن والمؤسسات الأكاديمية وأوساط العمل، بصورة جيدة بحيث يعرف اين يتجه في اطار قيادة ادارته. وقال ان المرء بحاجة الى أوساط سياسية على نحو جيد حتى يكون قادرا على الحصول على المشورة النافعة.

وفكرت بعدئذ، وما زلت اعتقد، ان ذلك كان توصيفا عميقا للخلفية المنشودة لرئيس من بين ما سمعت. وانتهى برادلي الى امتلاك عيوبه كمشارك في حملة، ولكن وصفته للرئيس ما تزال تبدو سليمة.

وعندما تنتهي كل الألعاب سيختار الأميركيون رئيسا لوقت خطر في عالم لديه مزيد من الصدمات التي يتعين ادارتها. وآمل ان يفكر بذلك بعض الأشخاص في ايوا ونيوهامبشاير.

* خدمة «واشنطن بوست» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)