نحن مثل عصفور نبي الله الخضر!

TT

عباقرة العلماء لهم حفلات التكريم. ويقدسهم الناس كأنهم أنصاف الآلهة. ولكنهم يعلمون أنهم أوتوا من العلم قليلاً جداً. وأن الذي عرفوه واهتدوا إليه شيء هام. ولكن ليس كل شيء.. ولما حاول العالم الفيزيائي العظيم اينشتين أن يبحث عن تفسير واحد للكون ندم على ذلك ندماً عظيماً. وقال: إنها أكبر غلطة وحماقة ارتكبتها في كل حياتي!

ولما سئل اينشتين عن مدى علمه قال: الذي تعلمته لا يزيد على سمك طابع بريد قد وضع فوق سلة فرعونية..

ومن أعظم العقليات التي خلقها الله هي نيوتن الذي اكتشف قوانين الحركة والذي اكتشف علماً كاملاً هو (حساب التفاضل والتكامل). هذا العبقري الذي لم يكمل دراسته ولم يدخل جامعة قال إن علمه ليس إلا بعض الأحجار الملونة قد عثر عليها على شاطئ محيط المعرفة. لا تزيد على ذلك!

أي أن الذي يعلمه ضئيل إذا قورن بمحيط علم الله الذي لا يعرف له أول من آخر..

ولما ذهب النبي موسى عليه السلام ليتزود من علم نبي الله الخضر. فاشترط عليه اذا رأى ما لا يفهم ألا يسأله حتى يخبره هو. ولكن موسى لم يطق صبرا. فكان يسأل أولا بأول. وقد ضاق به الخضر عليه السلام. وحتى لا يظن أو يتوهم موسى أن الخضر قد أوتي كل العلم بينما هو لا يعرف إلا قليلا جاء عصفور ونقر سطح الماء ليشرب. فقال له الخضر: يا موسى إن الذي لا أعلمه أعظم بالقياس إلى ما أعلم.. كالماء في منقار العصفور. فلم نأخذ من بحر العلوم إلا القدر القليل جداً!

ولكن الانسان هو الكائن الوحيد الذي يعرف أنه لا يعرف. والذي يريد أن يعرف وأنه ليس راضياً عن القليل وإنما يطمع في الكثير من المعرفة. وقد نسب إلى الإمام علي بن أبي طالب أن هناك جائعين لا يشبعان: طالب علم وطالب مال.. والإنسان هو الاثنان معاً!

والعلم يؤدي الى المال.. والمال يؤدي الى العلم.. وصاحب المال يكدسه تماماً كما يكدس النحل طعامه.. وصاحب العلم كالنحل يمتص رحيقه من كل زهرة طعاماً سائغاً!

والمثل يقول: إذا أعطيت العلم كل وقتك، أعطاك العلم بعضه، وإذا أعطيت العلم بعضك، لم يعطك العلم شيئا!