إذا اغتيل مشرف.. ماذا سيحدث لباكستان؟

TT

اغتيلت رئيسة وزراء باكستان السابقة بي نظير بوتو في لياقت باغ بمدينة روالبندي برصاصتين أطلقتا على عنقها ورأسها. التاريخ كرر نفسه مرة أخرى. ففي 16 يناير (كانون الثاني) 1951 اغتيل لياقت علي خان، أول رئيس وزراء لباكستان جرى تعيينه بواسطة الجنرال محمد علي جناح، أول حاكم لباكستان. اغتيل خان برصاصتين في الصدر في لياقت باغ، نفس المكان الذي اغتيلت فيه بي نظير بوتو. وقالت تقارير ان إسلاميا متطرفا يدعى سعد أكبر هو الذي نفذ عملية الاغتيال.

آخر كلمات نطق بها لياقت علي خان كانت: «فليحفظ الله باكستان».

شأنه شأن بي نظير بوتو، تخرج لياقت علي خان في جامعة أوكسفورد، حيث حصل على درجة الماجستير عام 1921. وكان يفكر في قضيتي العدالة والديمقراطية وأطلق عليه لقب «زعيم الشعب» وأطلق عليه بعد مقتله «شهيد الشعب».

ترى، كيف يمكن ان نحلل مقتل بي نظير بوتو؟ وكيف ستتحمل باكستان عبء هذه الكارثة؟

يبدو ان الحياة والموت يختلطان ببعضهما بعضا، ليس فقط في باكستان وإنما أيضا في أفغانستان والعراق والسودان وفلسطين ولبنان والصومال. هل هذه هي وجهتنا النهائية؟

هل يمكن ان نقول اننا فخورون بموقفنا؟

ترك الصحافي الباكستاني المعروف إياد أمير عمله في صحيفة Dawn الأسبوع الماضي. وكان قد وصف في مقال نشرته الصحيفة في 21 ديسمبر (كانون الثاني) الماضي باكستان بأنها «بلد غير محظوظ». العراق وأفغانستان أيضا ينطبق عليهما ذات الوصف، ولكن من هم المسؤولون عن هذه الكوارث؟ الباكستانيون أم حكومة الجنرال سابقا برويز مشرف؟ أم الأحزاب؟ أم نظام الولايات المتحدة؟

ربما كل هؤلاء مسؤولون عن هذه النهاية المريرة. إذا نظرنا إلى مقتل بي نظير بوتو كمرآة، فإننا من الممكن ان نتفحص الوجه الحقيقي لباكستان في هذه المرآة الدامية. الحياة والسياسة والموت تشكل كلاً واحداً في تاريخ عائلة بوتو. ويمكن ان نقارن الآن بين ثلاثة أجيال تتحدر من هذه الأسرة الشهيرة، بل من الممكن ان نقارنها بعائلة غاندي في الهند وحتى عائلة كينيدي في الولايات المتحدة.

التقت بي نظير بوتو قبل حوالي 20 عاما نظيرها الهندي راجيف غاندي في إسلام آباد بعد مرور ثلاث سنوات على مقتل انديرا غاندي، وثماني سنوات على إعدام ذو الفقار علي بوتو عام 1979. كان عمر راجيف غاندي في ذلك الوقت 44 عاما وكان عمر بي نظير 34 عاما. كان الاغتيال مصير كل من بي نظير وراجيف (أعضاء الجيل الثاني من العائلتين الشهيرتين). أود هنا ان ألفت نظر القارئ إلى نقطة مثيرة للاهتمام هي أن والد راجيف ـ فيروز غاندي (1912 ـ 1960) ـ ووالدة بوتو ـ نصرت بيغوم، المولودة عام 1929، إيرانيان في الأصل.

عقب إعدام والدها تعرض شقيقا بي نظير، شاهنواز ومرتضى للاغتيال. عثر على شاهنواز بوتو (1958 ـ 1985) ميتا في شقته بمدينة نيس الفرنسية في 18 يوليو (تموز) 1985، وتعتقد عائلة بوتو ان شاهنواز مات مسموما. أما مرتضى بوتو، فقد قتل بالرصاص إلى جانب ستة من أنصاره خلال مواجهة مع الشرطة التي قالت ان مرتضى بوتو وأنصاره رفضوا السماح لعناصر الشرطة بتفتيش سيارات تابعة له في إطار خطة أمنية. وكانت بي نظير رئيسة الحكومة عندما اغتيل مرتضى.

هذه هي سلسلة الأحداث الإرهابية في عائلة بوتو. في المشهد الخامس من مسرحية «ماكبيث» أورد شكسبير تفسيرا لا ينسى للحياة، حسبما جاء على لسان ماكبيث: «ما الحياة إلا ظل يمشي، ممثل مسكين، إنها حكاية يحكيها معتوه ملؤها الصخب والعنف ولا تعني أي شيء».

عندما تتذكر نصرت بوتو وهي في هذه السن حياتها وزوجها وأبناءها كيف تنظر إلى أربعين عاما من الآلام والحزن؟

هذه طبيعة السلطة، طبيعة ماكبيث وستالين! لا تقبل مشاركة أي طرف آخر. انها بداية أزمة. الولايات المتحدة نظمت خطة للحد من دور الجنرال مشرف الذي أجبر على التخلي عن دوره العسكري. يعني ذلك أن هذه بداية النهاية. ومن الواضح ان مشرف لم يكن مقتنعا بالخطة الاميركية.

ترى، هل فعل مشرف ما فعله ماكبيث؟

هل يمكن القول إن يديه ملطخان؟ ظلٌ من دم بوتو على الأقل على وجه مشرف.

قبل شهرين من مقتلها جاء في رسالة بريد الكتروني من بي نظير بوتو ان الرئيس مشرف سيتحمل جزءا من المسؤولية في حال اغتيالها. وأشارت أيضا إلى رفض حكومته لطلبها بإجراءات أمنية إضافية لها عقب التفجير الذي استهدف موكبها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لدى عودتها من المنفى بعد ثماني سنوات. لماذا لم تهتم حكومة مشرف بطلب بوتو؟

هل هناك أي وجه شبه بين مشرف وماكبيث؟ هل نظر مشرف إلى شبح بي نظير بوتو وهو يقول: «الدم سيجلب الدم»! الدم يسيل دما آخر في كل مرة يسفك فيها دم في باكستان.

مشرف يعيش في قلب الأزمة. ترى، إذا انتهت حياة مشرف بطلقات نارية ماذا سيحدث لباكستان؟

بما أن مشرف هو الشخص الذي يقف وراء الوضع السياسي الحالي في باكستان، فهو إذن الشخص الوحيد الذي يمكن أن ينقذ البلاد. هذا هو السؤال: «ماذا سيحدث بعد موت مشرف؟».

أسوأ طريقة يمكن أن تدار بها دولة، هي أن تنتهي كل الطرق إلى شخص واحد. هذا يعني ان البلاد ستكون باستمرار على حافة الكارثة أو في حالة كوارث مستمرة. فليحفظ الله باكستان آمنة.