عيب!

TT

يروى مؤخرا أن أمّا كانت تحاول إقناع ابنها بشتى الطرق أن يتناول وجبة العشاء، ولكنها سرعان ما غيرت لهجتها معه بحدة وقالت له: إذا لم تسمع كلامي وتكون مؤدبا وتأكل ستكبر وتصبح مثل «وئام وهاب»، ووئام وهاب طبعا هو النائب اللبناني «المهذب» صاحب اللسان «العذب» والخيال الخصب، والذي هو أشبه بهاتف العملة الذي ما أن وضعت فيه نقود حتى أخذ يتكلم، إلا أن كلامه ليس بالضرورة الكلام المهذب واللطيف، ولكنه كلام مليء بالصفاقة والإساءة للغير وتحديدا (وكهدف واضح منذ فترة ليست بالقصيرة) كانت ولا تزال السعودية هي هدفه المفضل.

واليوم يطلق وهاب خياله باتجاه «أنفاس السماء متأثرا بأجواء البقاع وما يزرع فيها من نبات معين «مؤثر» و«فعال»، فيصرح بقوله إن السعودية هي المسؤولة عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وإن الذي أقدم على تنفيذ الجريمة هو سعودي. وطبعا هذا الرأي يحمل في طياته قدرا من «التفاهة» والسذاجة التي قد لا تستوجب التعليق في ظروف أخرى، ولكن لا يملك الإنسان الذي يسعى إلى الاحترام والأمانة، إلا أن يؤثر الابتعاد عن شخصيات مثله.

لبنان انقسم اليوم إلى فرق وأحزاب ما بين الباحث عن «الحقيقة» وما بين الخائف من «الشقيقة» وما بين الراغب في صناعة المجد الشخصي بأي طريقة. وئام وهاب ظهر من هو على شاكلته الكثيرون عبر السنوات التي مضت، ومن المرشح وعلى الأغلب أن يستمر في الظهور، طالما توفرت العناصر لذلك. المناخ السياسي الفاسد الذي تورم وزادت حمته في لبنان، لم يعد يثير الاستغراب، ولكنه بات يثير الاشمئزاز، وإذا كانت شخصية من أمثال وهاب لا تخشى على بلادها وترغب في تسميم علاقتها بالغير، وخصوصا بمن وقفوا معها، فهذه مسؤولية لا يتحملها وهاب، ولكن تتحملها أطراف أخرى لعل من أبرزها البرلمان اللبناني نفسه الذي يقف موقف المتفرج جراء أقاويل وأكاذيب تروج على لسان شخصية محسوبة عليه.

رواية وئام وهاب ذات الطابع الخيالي الكيفي، وهي على الأغلب رواية تم «لفها» جيدا وأشعلت بحجارة مناسبة حتى «تفوت» بالرأس، ومع ذلك فهي لا يمكن تناولها إلا كما يتم الآن: مادة ساخرة تافهة لا تستحق إلا الاستهزاء والضحك. لبنان يجد أكثر من طريقة ليخسر بها أصدقاءه، ويكون بها أعداء جددا، ومع احترامي لمبدأ حرية الرأي والكلمة، إلا أن هناك خيطا واضحا ما بين هذا المبدأ وبين الترويج الزائف لأجندة سياسية يتفنن في تنفيذها مأجورون صغار.

وئام وهاب وصمة عار تتحرك على الثوب السياسي اللبناني، وعندما كان من مثله يتصرفون، ويقولون ما يعمل ويقول, كان الكبير ينظر إليهم بحزم وقرف ويقول: عيب عليك!

[email protected]