وطفت ببيت الله الحرام (2)

TT

عندما وصلت إلى المدينة المنورة للمرة الأولى في حياتى أحسست فعلاً بقدسية هذه المدينة الجميلة وأحسست فعلاً بالمكان الذي عاش فيه الرسول صلى الله عليه وسلام، والمكان الذي دفن فيه.. وطافت بخاطري الأحداث التي مر بها الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والمعارك التي انتصر فيها المسلمون وكيف استطاع هذا النبي الأمي أن ينقل أعظم رسالة في الوجود... وعندما وصلت العربة إلى مشارف المدينة أحسست بأنني أرى نور الرسول في السماء، وأحسست براحة غريبة لم أحس بها في حياتي، وبمجرد وصولي إلى الفندق ذهبنا مباشرة إلى المسجد النبوي وهنا أدركت أنني لن استطيع السيطرة على المشاعر الموجودة داخلي في هذه اللحظة، فقد كان قلبي يرتجف خوفاً ورهبة من هذا الموقف الرهيب.

وكنت أذهب في مواقيت الصلاة ومعي ابنى شريف وبعض الأصدقاء ونصلي الفروض داخل المسجد، وأجمل ما يشعر به الإنسان هو أن الكل يخصص الوقت في زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والكعبة المشرفة في ذكر الله فقط ولا يوجد شيء آخر.

كل ما يفعله الإنسان هو الابتعاد عن أي ذكر للدنيا وما فيها من شيء من الخيريين أو الشريرين أو الصالحين أو الطالحين وإنما ينحصر تفكير الإنسان في ذكر الله ورسوله فقط، فهي أيام يزداد فيها القرب كثيراً من الخالق سبحانه وتعالى، وقراءة القرآن الكريم داخل المسجد النبوي، ومحاولة الوصول إلى الروضة الشريفة بجوار قبر الرسول كانت مستحيلة لأن هناك الآلاف من الحجيج الذين يجلسون بالساعات داخل الروضة الشريفة، ولكن بعون الله استطعنا أن نصل ونصلي في هذا المكان... وفي المدينة قابلت شخصيات كثيرة من مختلف دول العالم وهناك العديد من الوزراء المصريين الذين قابلتهم، ولكن أهم شيء هو أنه لا فرق بين وزير وخفير في هذا المكان المقدس، فالكل سواسية عند الله، حتى انك تنظر إلى الجميع وهم يلبسون ملابس بيضاء ويدعون باسم الله الواحد القهار... وأجمل ما حدث داخل المدينة هو أن شاباً مسلماً أمريكياً جاء يصافحني وقال إنه يتابعني، وهو من المعجبين بالاكتشافات التي نقوم بها، ولكنه ازداد فرحاً عندما عرف أنني مسلم.. بعد ذلك انتقلنا بالعربة إلى مكة المكرمة وهنا وعلى الفور وضعنا أمتعتنا بالفندق ونزلنا إلى الطواف بالكعبة وأداء العمرة وكان ابني شريف خائفاً عليّ من الزحام لذلك كان يسير بجانبي طوال مدة الطواف، وبعد ذلك قمنا بالسعي بين الصفا والمروة وعندما نصل إلى النور الأخضر نهرول جميعاً، كما قامت بذلك السيدة هاجر حتى رزقها الله ورزقنا ببئر زمزم.

وأذكر أنني في المرحلة الثانية من الطواف حول الكعبة حدث لي شيء غريب جداً وهو أنني وجدت مجموعة من المسلمين تندفع نحو الكعبة ووجدت نفسي وبقدرة الله سبحانه وتعالى أقبِّل الكعبة وأنال هذا الشرف الذي لم ينله أحد من أصدقائي الحجيج وكنت فرحاً جداً وسعيداً بهذه اللحظة التي اعتبرها أهم لحظة من لحظات العمر...

* احتجب هذا المقال أمس لأسباب تقنية

www.guardians.net/hawass