سؤال هام ولكن لا إجابة!

TT

طلب مني الرئيس السادات أن أسأل السيد حسن إبراهيم نائب رئيس الجمهورية، عن سر لقائه الوزير جمال سالم في مطار العريش. وماذا قال وعن أي شيء كانا يتناقشان. وسألت حسن ابراهيم. قال لي: لا أذكر.. فقد حدث ذلك منذ 26 عاما!

وعدت للسادات فقال مندهشاً: غريبة! ولكن عد إليه واسأله مرة أخرى!

وسألته. فقال إنه نسي. وسأل زوجته إن كان قد أخبرها بهذا اللقاء. ولكن زوجته لا تذكر شيئاً. وعاد الرئيس السادات يسألني. وأسأل حسن إبراهيم.. فقال: اسمع. قل له إنني كنت أنصح جمال سالم بأن يتفرج على فيلم ريتا هيوارث في سينما اوديون. أي كلام. لعله يسكت. هاها.

وقلت للرئيس فقال: لا.. فيلم ريتا هوارث لم يكن في سينما اوديون لقد كان في سينما استراند.. اسأله مرة أخرى!

شيء غريب. ايه يعني؟ لقد كان حسن إبراهيم وجمال سالم يتحدثان في أي موضوع.. أي كلام فارغ.. نكتة قبيحة مثلاً. وقد مضى على هذا اللقاء ربع قرن. ولكن السادات عنده سؤال لم يتلق عنه إجابة: ماذا كانا يقولان بعيداً عنه؟!

وكانت للسادات ذاكرة قوية. فهو يذكر الأحداث بالتاريخ والساعة واليوم. شيء عجيب!

وظللت أروي هذه الواقعة على أنها غرائب العادات. وضبطت نفسي متلبساً بحادثة مشابهة. ففي سنة 1901 التقى ثلاثة من عظماء الأدب الروسي في يالتا ولأسباب صحية. الثلاثة هم تولستوي (74 سنة) وتشيخوف (45 سنة) وجوركي (33 سنة) ثلاثة من أعمدة الأدب الروسي. تولستوي هو الأب لكل الأدباء. وهو صاحب رسالة صوفية روحية. وينظرون إلى هذا الأرستقراطي على أنه نصف إله. وتشيخوف مفكر من الطبقة الوسطى. وجوركي يمثل الطبقة العاملة الثورية. تولستوي يمثل الزمن القديم الكلاسيكي صاحب الأشكال الأدبية الكاملة الأوصاف. وتشيخوف يمثل الفكر والفن معاً. صاحب العبارة الواضحة والهدف القريب. وجوركي هو داعية الواقعية والثورة. ثورة الفقراء على النبلاء والأرستقراطية.. صاحب ثورة الجياع على الذين امتلأت بطونهم وجيوبهم.

ولكن لم أعرف من أي كتاب عن الأدب الروسي أو عن هؤلاء الثلاثة ماذا دار بينهم. وقد التقوا جميعاً في أحد المستشفيات. كل واحد له وجع. ولم نعرف ما هو. ماذا قالوا لم نعرف.. ولم أجد أحداً أو كتاباً يجيب عن تساؤلاتي!