بوش وأهم زيارة في خمسين عاما

TT

رغم أن سبع سنوات مضت عليه في البيت الأبيض ليس سيئا أبدا تخلف الرئيس الاميركي جورج بوش كل هذا الوقت عن زيارة منطقة الشرق الأوسط، طبعا لا تحتسب من بينها زياراته لبغداد. لو زار بوش المنطقة في أي سنة مضت منذ توليه الرئاسة لربما جاءت بنتائج سلبية بسبب الصدام الحاد حول كل القضايا تقريبا.

الآن كل الأطراف نضجت، العرب والأميركيون بلغوا مرحلة من الاستعداد لعمل مشترك من دون ضرورة للاتفاق على كل شيء سواء في العراق او ايران او لبنان.

بوش هو أول رئيس قالها صريحة بأنه مع قيام دولة فلسطينية، بعد ان كانت الادارات الاميركية التي سبقته لا تتجرأ على قولها علانية. كما ان المجتمع السياسي العربي بدوره أعلن بنفس الصراحة استعداده للاعتراف وإقامة علاقات مع اسرائيل ثمنا لذلك.

ومع أنها آخر سنة رئاسية لبوش إلا انه قادر، كما قال، على تجهيز حل لدولة فلسطينية. للعرب بوش اليوم خير من انتظار رئيس آخر، لأن اي رئيس جديد سيمر بنفس الدورة المعقدة من العلاقات الخارجية والمصالح الداخلية التي تؤخر الحل السلمي، ولن يستيقظ على فكرة الحل إلا في آخر رئاسته كما فعل بيل كلينتون، فجاءت محاولته رائعة لكنها متأخرة جدا.

نعم بوش بدأ متأخرا لكنه يملك الكثير من الدقائق قبل الخروج، ويتمتع بشخصية قوية، وفي محيط سياسي دولي مؤيد لحل النزاع لم يسبق له مثيل بعلاقاته القوية مع الفرنسيين والألمان والصينيين وغيرهم.

وأهم من ذلك ان الحل موجود مهما أطلق عليه بوش من تسميات. لا يوجد حل أفضل من المشروع العربي لأنه يتميز بشمولية لكل النزاعات المرتبطة بالاحتلال الاسرائيلي، وبراغماتيته في الخطوات المطلوبة من الجانبين، والأهم إجماع كل الدول العربية والاسلامية عليه. الحل العربي يقوم على مبدأ الدولتين، يفصلهما خط ما قبل حرب حزيران 67، واعتراف العرب جماعيا بإسرائيل، وشاملا في حل النزاعات خارج فلسطين، في سورية ولبنان.

إن المشروع منذ ان قدمته السعودية كخطة سلام غير التفكير السياسي العربي في المنطقة، لأنه ظهر كخطة علنية لا سرية، حيث ضمنت صراحته امتحان الرأي العام العربي تجاهه. نحن الآن، بعد اكثر من خمس سنوات من اعلان المشروع، لم يقف طرف واحد مهم ضده، حتى ايران التي اعتادت على محاربة كل الحلول قالت إنها ترى فيه الكثير من الايجابيات ولها بعض التحفظات. اليوم هناك نحو خمسين دولة عربية واسلامية وقعت على تأييده.

ولا يتعارض المشروع مع خارطة الطريق التي تبرمج العمل ولا تقدم الحلول، لكن ان اراد بوش ان يختصر الوقت، حيث لم يبق الكثير حتى يبدده، عليه اختزال الافكار في البناء على خطة السلام العربية لأنها لا تختلف كثيرا عما طرح لاحقا من افكار. زيارة بوش قد تكون اكثر اهمية من كل الزيارات الاميركية في خمسين عاما مضت لانها صريحة في الهدف، وتعطي بالفعل فرصة سلام حقيقية في وقت الجميع على استعداد لدعمه.

[email protected]