مشاهد مثيرة

TT

الانتخابات الأمريكية تأخذ منحى مهما وفي غاية الإثارة، إذ يجمع عددا غير قليل من المحللين والسياسيين المخــضرمــين . وهذه الانتخابات الرئاسية قد تكون الأكثر إثارة وأشدها صعوبة في التكهن بالفائزين، إذ أنها المرة الأولى منذ فترة غير بسيطة تختفي فيها حظوظ الرئيس الحالي أو نائبه كمرشح في الانتخابات وبالتالي فإنه من الجانب النظري على أقل تقدير تتساوى الفرص التنافسية للمرشحين بشكل جيد.

ولقد ظهر هذا بشكل لافت في نتائج انتخابات تجمع ولاية أيوا في الوسط الأمريكي، وأظهرت المعلومات الختامية فوز باراك أوباما عن الحزب الديمقراطي بشكل مقنع على كل من السيناتور جون إدواردز والسيناتورة هيلاري كلينتون في مفاجأة مدوية ومن العيار الثقيل. وفي نتائج الحزب الجمهوري فاز القس المعمداني السابق حاكم ولاية أركنساس الأسبق مايك هاكبي متقدما على حاكم ولاية ماساتشوسيتس الأسبق مت رومني.

وتظهر النتائج المبدئية هذه أن هناك رغبة جادة جدا لدى الناخب الأمريكي في البعد عن السياسة التقليدية والمرشح النمطي، فهناك اعتقاد بأن هذه المدرسة ورطت أمريكا في العديد من الكوارث والأخطاء وأساءت الى سمعتها وأدت الى تورطها في العديد من القرارات الخاطئة، سواء أكان ذلك على الصعيد الأمني والسياسي أم الاقتصادي والثقافي مع العديد من دول العالم، وأكسبها عداوات لم تكن تتوقعها قط ولا بحاجة اليها.

مؤشرات الرأي واستطلاعاته في أمريكا تؤكد أن هناك رغبة شعبية واضحة وجادة للتغيير، وأن الوعود الانتخابية الاعتيادية لم تعد مقبولة ولا مرغوبة في ظل متغيرات ليست ببسيطة ولا بالقليلة.

الحزب الجمهوري في ورطة غير عادية، فهو يحاول عدم خسارة كرسي الرئاسة والمنصب الأهم ويحاول أن يطمئن المواطن الأمريكي بأن سياسات الإدارة الأمريكية الحالية ليست بهذا السوء، ولكن معدلات شعبية الرئيس بوش وصلت لمراحل دنيا غير مسبوقة مما يدحض كل محاولات التطمين. أما الحزب الديمقراطي فهو يحاول أن يروج لنفسه جاهدا أنه هو البديل لإخفاقات الحزب الجمهوري، إلا أن أداء الكونغرس الأمريكي الذي يسيطر عليه الديمقراطيون وانصياعهم لرغبات بوش ومنح إدارته المبالغ المطلوبة لدعم الجهد العسكري لقوات الاحتلال الأمريكي بالعراق، أسقطت كل حجج الديمقراطيين وأفقدتهم الدعم الشعبي الذي كان لديهم.

الانتخابات الأمريكية القادمة ستشهد معركة حامية الوطيس بين حزبين مجروحين، وسيكون فصلا جديدا ودراميا في المشهد الأخير من الديمقراطية الإنسانية الأشهر.