ماذا يريد العرب من بوش؟

TT

سؤال المليون دولار هو هل يستطيع الرئيس الأميركي جورج بوش الذي سيبدأ جولة توصف بالتاريخية الى المنطقة غدا تحقيق وعوده بأن يتحقق حل الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية قبل نهاية ولايته وتسليمه البيت الابيض لخليفته بعد حوالي عام من الان؟

كثيرون يشكون في تحقق ذلك خلال الفترة المتبقية من ولايته خاصة مع تعقد الاوضاع على الارض ووجود انقسام فلسطيني متمثل في سيطرة حماس على غزة والسلطة على الضفة الغربية فقط، وسياسة المستوطنات الاسرائيلية التي تزيد من صب الزيت على النار، فضلا عن ان الوضع العربي ليس في احسن حال والمنطقة مشتعلة في أكثر من بؤرة توتر تتداخل فيها الملفات والاوراق. وبعض الاطراف العربية والاقليمية رهاناتها تنصب على استهلاك الوقت في مدة العام المتبقية من عمر هذه الادارة ثم التعامل مع الادارة الجديدة التي ستصل الى البيت الابيض في اول عام 2009.

لكن ايضا هناك مبررات للتفاؤل واشارات لها دلالتها، فجولة الرئيس الأميركي تأتي وسط تغير جذري في السياسة الخارجية الأميركية تجاه المنطقة فبعد تحفظ طويل على الانخراط في جهد دبلوماسي مباشر في القضية التي يعتبرها العرب لب المشاكل في المنطقة والشماعة التي تستغل يسارا ويمينا لأهداف أخرى تؤجج مشاكل ومغامرات لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية، اقتنعت الادارة الاميركية الحالية بضرورة الدخول بثقلها الكامل في الجهود في عملية السلام، وتم ذلك من خلال اجتماع انابوليس الذي شهد حضورا واسعا من جميع الاطراف، واطلاق المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية من جديد. وتأتي جولة بوش التي يبدأها باسرائيل والاراضي الفلسطينية لاعطاء زخم اقوى لهذه العملية حسب ما اعلن عن اهداف هذه الجولة.

بالنسبة للجانب الأميركي فان هناك الكثير من الملفات والاولويات في هذه الجولة بدءا من الملف النووي الايراني الى استقرار العراق ولبنان والعلاقات الثنائية الى اخره. وبالنسبة الى العواصم العربية التي ستستقبل الرئيس الأميركي فانها تشترك مع الجانب الأميركي في اولويات هذه الملفات، حتى لو كان ذلك برؤى مختلفة لاساليب المعالجة، لكن الاكثر اولوية استراتيجيا بالنسبة لها هو ملف عملية السلام ورغبتها في رؤية الجانب الاميركي يضع ثقله في انجاحها وممارسة نفوذه على الجانب الاسرائيلي لتسهيل عملية التفاوض.

وجولة الرئيس الاميركي تمثل فرصة يجب استغلالها من قبل الجانب العربي الراغب في رؤية استقرار اقليمي والوصول الى حل نهائي فلسطيني ـ اسرائيلي ووضع اسس سلام شامل، والاستفادة من الجدية والاهتمام اللذين ابدتهما الادارة الحالية في الوصول الى حلول بهذا الملف.

وفي كل الاحوال فانه حتى لو لم يسعف الوقت او الظروف في الوصول الى اتفاقات نهائية قبل نهاية العام الحالي، فان قطع اكبر مسافة في الطريق الى ذلك افضل من مراوحة المكان وما يتفق عليه يمكن البناء عليه مستقبلا.