فضيحة وحديث بعدنا!

TT

قلت: ولكن أنا لا أصدق. هذا صديق العمر كله ولا أعرف عنه ذلك. ولكنه لم يصدقني. إيه الحكاية. إن رجل الاستعلامات في الفندق طلبني لأمر هام. وقال لي: آسف جداً.. ولكن هذا ما حدث!

فقلت له: لعل لغته الفرنسية الضعيفة لم تسعفه في التعبير الصحيح. أو لعل لغتك العربية الركيكة لم تسعفك أنت أيضاً..

إنه صديق العمر. تعلم في ألمانيا. وهو رجل قويم الخلق. يقول موظف الاستعلامات إنه طلبه وكان عصبياً جداً. وقال له: أريد رجلا قويا الآن لا تبعث لي بأي فتاة.. وإلا حزمت أمتعتي وخرجت فوراً وبسرعة فإنني أختنق..

وكلما حاول ألا يرد على التليفون طلبه وكرر نفس العبارة. ويرى أن تجاهل رغبته إهانة له. وأنه سوف يشكوه إلى مدير الفندق أو وزير السياحة..

ذهبت إلى صديقي وحالتي النفسية لا تسر أحداً وأنا لا أحب أن أكون عصبياً. واستوضحت الموقف الغريب عند منتصف الليل. وفي ذهني أن أقول إن الفنادق في فرنسا لا تعترض على أن يكون لضيوفها صديقات من أي لون وجنس ولكن الفنادق المحترمة لا تجلب النساء والرجال للزبائن!

والمفاجأة شيء آخر. فقد حاول صديقي أن يفتح النافذة. وحاولت الجرسونة فلم تستطع وطلب أي رجل قوي ليفتح النافذة. هذا كل ما في الأمر، وكما توقعت فلغته الفرنسية لا تسعفه وكان يمكن أن يتحدث الألمانية فهم يعرفونها أيضاً. ولم أفلح في إقناعه أن يبقى حتى الصباح. ولكنه رفض. فقد صار مفضوحاً. ولا بد أن يكون الموظفون جميعاً قد عرفوا الحكاية التي هي سوء فهم من الطرفين. ولكنها نكتة تروى فتضحك لها الناس. وحاولت أن أقنعه بأن يضحك هو أيضاً. فهي نكتة ولا شك. ولكنه أصر على ألا يبقى دقيقة واحدة..

وبالصدفة ذهبت إلى نفس الفندق بعد ذلك بسنوات. ولقيت موظف الاستعلامات الذي ذكرني بهذه الحادثة. ولاحظت أن زملاءه يضحكون أيضاً. وهم يقولون: أوه في تلك الليلة وفي نفس الغرفة التي أنت فيها؟!

إذن كان صديقي على حق عندما ترك الفندق لأنه أصبح نكتة والنكتة فضيحة. وهي حديث بعدنا ـ كما يقول أمير الشعراء شوقي!