القوارب في مواجهة البوارج

TT

المعركة التي لم تقع في مضيق هرمز في مياه الخليج لم تفلح في تخريب زيارة الرئيس الاميركي جورج بوش، مع انها تبدو صممت لهذا الغرض. لكنها ستجد صداها في دوائر الحكومات العربية التي رأت ان في ايران أجنحة قادرة على إشعال الحرب، وستجد صداها في مخيمات الانتخابات التمهيدية الاميركية التي كانت منشغلة بقضايا عديدة أخرى. ولا تظنوا ان الاميركيين فقدوا شهيتهم للمواجهات بدليل ان الخطاب العسكري يصدح في أرجاء القاعات الانتخابية.

مايك هاكبي، احد ابرز المرشحين الجمهوريين والفائز الاول في أيوا، رسالته الانتخابية تقول بزيادة عدد الجنود الاميركيين في العراق وتحدي الايرانيين عسكريا. كذلك جون مكاين، الفائز في انتخابات نيوهامبشر، قال إنه ضد العدد القليل من العسكر الاميركيين في الساحة العراقية، ويطالب بمضاعفة الجهد في محاربة الارهاب. وردد هذا الرأي المتشدد أكثر من مرشح آخر. ومع ان الديموقراطيين ليسوا مع الحرب والانتشار العسكري إلا انهم قللوا من تصريحاتهم المعارضة حول موضوعي العراق وإيران، اللذين تراجعا الى المرتبة الرابعة في سلم اولويات النقاشات الانتخابية.

ربما طهران تريد معركة صغيرة تحرج بها الرئيس الزائر وتستفزه فقط. في نظرها حادثة من سبعة قوارب صغيرة لن تدفع الامور باتجاه الحرب، لأن قوارب الحرس الثوري من الضآلة بحيث انها لا تستطيع سوى الاستعراض المائي امام بارجات الاسطول العملاقة. وفي اسوأ الحالات سيقوم الاميركيون بإغراقها خشية انها قوارب انتحارية تريد مهاجمة الاسطول.

لكن مد مياه الخليج الصغير كاف لبث القلق في العالم، وكذلك قلب الوضع في المعركة الانتخابية حيث سيميل الاميركيون الى الصوت الأكثر حزما، وسترتفع بلا شك أسهم الناخبين الجمهوريين الداعين الى مواجهة ايران. فمنذ بداية الحملات الانتخابية وحجة صقور الانتخابات مبنية على ان ايران وراء مشاكل الاميركيين في العراق، وأنها تمول الارهاب، وستضرب المصالح الاميركية ما لم يتم إيقافها عند حدها. ولأن الاميركي العادي فقد شهيته للحرب الحالية فقد بقيت هذه الطروحات بلا شعبية لكنها لم تختف من أذهانهم كهواجس مقلقة. في حادثة صغيرة مثل استفزاز قوارب الحرس الثوري مع الاسطول الاميركي قد تتبدل الرؤية، وسيجد الرئيس الاميركي تأييدا كافيا للحل العسكري، بعد ان تراجع عنه كخيار قبل شهر، معلنا ان المواجهة ستبقى اقتصادية فقط.

إنها تذكرنا بحماقة قادة «القاعدة» الذين ارادوا إسقاط بوش قبل ثلاث سنوات في الانتخابات الرئاسية من خلال شريط يهاجمونه فيه ويحثون الناخبين الاميركيين على التصويت ضده. النتيجة جاءت سريعة حيث ساند الاميركيون رئيسهم بوش. ربما في ايران أطراف تفكر بنفس المنطق، معتقدة انها ستحرج الرئيس في زيارته. وهي بالفعل كانت ستحرج بوش انما كانت ستدفعه في اتجاه المزيد من التشدد.

[email protected]