واشنطن للمالكي: لا يمكن أن تحكم لوحدك

TT

تجمّع حركة جديدة لإزاحة رئيس الوزراء نوري المالكي قواها في بغداد. وعلى الرغم من أن واشنطن تنصح بعدم تغيير الحكومة، يقول مسؤول أميركي رفيع في العاصمة العراقية إنها لحظة «اختراق أو انهيار» بالنسبة لنظام المالكي.

وتأتي الضغوط الجديدة ضد المالكي من الزعماء الأكراد الذين أرسلوا إليه مذكرة أواخر الشهر الماضي. وقال مسؤول كردي رفيع إن «الرسالة كانت واضحة في القول إننا نشعر بالقلق حول اتجاه السياسات في بغداد». ووصفت الرسالة الموجهة بتاريخ الحادي والعشرين من ديسمبر بأنها «جهد صادق من جانب الأحزاب الكردية للمساعدة في إصلاح الحكومة».

ويشعر الأكراد بانزعاج من أن المالكي لم يف بوعوده التي قطعها الصيف الماضي، فقد تعهد بأن حكومته ستقر قانون النفط وقانون صلاحيات الأقاليم، وأنها ستجري استفتاء حول مستقبل كركوك. ولم يتحقق أي من هذه الوعود ويشعر الأكراد بالغضب.

ويعتبر مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، الصوت الأكثر قوة في مناهضة المالكي. وكان بارزاني قد وافق على دعم المالكي الصيف الماضي بعد مكالمة هاتفية من الرئيس بوش. أما الآن وارتباطا بالهجمات التركية عبر الحدود الشهر الماضي والتأخير بشأن كركوك، فإن بارزاني يسير في طريق الحرب. والتقى ريان كروكر، السفير الأميركي ببغداد، مع بارزاني والرئيس العراقي جلال طالباني بعد أعياد الميلاد في كردستان. وفي مقابلة عبر الهاتف يوم أول من أمس قال كروكر إن رسالته الى الأكراد كانت: «نعتقد أن على الجميع أن يركزوا على جعل الحكومة أكثر فاعلية، وليس على تغيير الحكومة». وعلى الرغم من أن الأميركيين ينصحون بعدم إزاحة المالكي، فإنهم يتفقون على أن المالكي يجب ان يحكم بصورة اكثر فاعلية، خصوصا خلال الاشهر المقبلة، وإلا فانه سيعاني من «انهيار»، ذلك ان هناك إحساسا لدى الأكراد والسنة والشيعة بأن الحكومة لا تفعل ما يفترض أن تفعله.

وترغب القوى المناهضة للمالكي باستبداله بعادل عبد المهدي، نائب الرئيس العراقي والقيادي في المجلس الاسلامي الأعلى الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم. ويعتقد مؤيدو عبد المهدي انه بوسعهم الحصول على الـ138 صوتا المطلوبة للتصويت بعد الثقة في البرلمان عن طريق اصوات الأكراد البالغة 53 صوتا والجماعات السنية البالغة 55 صوتا و30 صوتا من المجلس الاسلامي الأعلى، هذا اضافة الى 40 صوتا أخرى من المؤيدين لرئيسي الوزراء السابقين إياد علاوي وإبراهيم الجعفري، وبالتالي يكونون قريبين من أغلبية الثلثين الضرورية لتشكيل حكومة جديدة. ولكن العائق الأكبر أمام ازاحة المالكي هو الزعيم الشيعي آية الله العظمى علي السيستاني، الذي يقال انه يشعر بخيبة أمل من أداء المالكي البائس ولكنه يشعر بالقلق من انقسام الائتلاف الشيعي. وقال احد كبار الزعماء العراقيين ان «النجف غير راضية». ولكن المسؤول الأميركي الرفيع قال انه «واثق» من أن السيستاني لم يبارك حتى الآن أي تغيير للحكومة. وعلى الرغم من ان ادارة بوش تشارك في خيبة الأمل من المالكي، فإنهم يخشون من أن تغيير النظام يمكن أن يضيف مزيدا من التأخير والارتياب للمشهد السياسي الراهن في بغداد الذي يتسم بالفوضى. وبدلا من التخلص من المالكي تأمل الإدارة ان تعمل حوله عبر تحالف يعرف باسم «ثلاثة زائد واحد» ،وتشمل تلك المجموعة، اضافة الى المالكي، الرئيس طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي. ويقول مسؤول أميركي رفيع آخر «إن رسالتنا الى المالكي هي انك لا يمكن ان تحكم لوحدك. يجب ان تحكم كجزء من مجموعة». وبدفع من هذا التحالف الحاكم يأمل كروكر أن يقر البرلمان العراقي قانونا جديدا بدلا من قانون اجتثاث البعث نهاية الأسبوع الحالي وكذلك الميزانية بحلول منتصف الشهر، مما يؤدي الى كسر الجمود السياسي.

وبالنسبة لأميركا التي تواجه دوامتها السياسية في العراق فان التغيير يبدو بعيدا. ولكن ما يحدث في العراق خلال الأسابيع المقبلة سيصوغ الأحداث هناك خلال فترة العام الحالي. وبالنسبة للمالكي الذي عاد الى بغداد بعد رحلة علاج في لندن، فان الوقت هو وقت «نجاح أو فشل».

* خدمة مجموعة «كتاب واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»