باكستان.. ويبقى الأمل

TT

لدي، على المستوى الشخصي، بعد اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو، مصدران غير متوقعين للأمل خلال هذه الفترة احدهما نواز شريف، المنافس السياسي على مدى سنوات لبي نظير بوتو وزعيم الرابطة الإسلامية الباكستانية. فبعد اغتيال بوتو وصل شريف إلى المستشفى فور سماعه بنبأ وصولها للمستشفى، وظل يجهش بالبكاء باستمرار في ذلك اليوم الأسود. رد فعل شريف الإنساني العفوي وعمق مشاعره وحزنه، أدى فيما يبدو إلى توحيد قطاعات واسعة من الباكستانيين من مختلف ألوان الطيف السياسي، وكذا إعلانه، تعاطفا، مع حزب الشعب الباكستاني، الذي كانت تتزعمه بي نظير، مقاطعة حزب الرابطة الإسلامية، الذي يتزعمه هو، الانتخابات التي كان مقررا إجراؤها هذا الشهر.

الأمر الأكثر إثارة للدهشة كان أول مؤتمر لحزب الشعب الباكستاني بعد اغتيال بي نظير. ولكن بدلا من ان يستغل زوجها آصف زرداري الشعور الواسع بالاستياء في السند (محافظة بي نظير بوتو) ضد البنجاب (المحافظة التي اغتيلت فيها) ألقى على الحاضرين دفاعا بليغا عن الاتحاد والديمقراطية وأخوة سكان السند والبنجاب. قدم زرداري غصن زيتون للجيش، وقال ان حزب الشعب الباكستاني في نزاع مع الحزب الحاكم وليس مع عسكريي البلاد. كما انه عاتب الذين شاركوا في أحداث الشغب التي اندلعت اثر مقتل بي نظير وطلب من الباكستانيين ان يعبروا عن غضبهم في الانتخابات المقبلة، وعبر كذلك عن امتنانه لنواز شريف طالبا من حزبه عدم مقاطعة الانتخابات (وهو طلب وافق عليه شريف على وجه السرعة).

مرت الآن فترة منذ اغتيال بي نظير بوتو، وعادت الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى. الأمر الذي أدهشني هو مقدرة الباكستانيين على التجاوب مع مختلف الظروف وقدرة الشعب الباكستاني على لم أطرافه والنهوض مرة أخرى ومواصلة المشوار. إلا ان التغيير عالق في الهواء الذي يتنفسه الناس هنا. أحزاب المعارضة تعمل على التوحد في مواجهة المؤسسة الحاكمة بقيادة مشرّف. وعلى الرغم من إرجائها حتى 18 فبراير المقبل، فإن الانتخابات ستكون فيما يبدو توبيخا للنظام الحالي، إلا إذا رأى تزويرها.

ستكون في الولايات المتحدة أعمدة صحافية وبرامج نقاشات وأحاديث تلفزيونية حول السلاح النووي الباكستاني وكيفية السيطرة عليه، وحول «الحرب على الإرهاب». بوسع الشخص ان يلاحظ توحد الناس.

على الرغم من القصص المثيرة للخوف، فإن من المحتمل (وليس بالضرورة من المؤكد) ان تؤدي هذه المأساة إلى نجاح سادس بلد في العالم من حيث عدد السكان، في العثور على صوت جديد له، وبالتالي ظهور فرصة لمستقبل أفضل.

* روائي باكستاني

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)