أكبر كذبة في الحملة الانتخابية

TT

أكبر كذبة حتى الآن في حملة انتخابات الرئاسة لهذا العام هي ادعاء المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين انهم سيرعون أطفالنا. الاستماع إلى هؤلاء الساسة يجعل الشخص يصدق ما يقولونه. مرشح الحزب الجمهوري الفائز في سباق أيوا، مايك هاكابي، قال: «سنفعل كل شيء من أجل جعل أميركا دولة أفضل، ولمنح أطفالنا مستقبلا أفضل».

اما السناتور باراك اوباما، الفائز في سباق الديمقراطيين في أيوا، فقد أكد على اهتمامهم بأطفالنا وأحفادنا ومن بَعدهم، فيما تركز جزء من حديث هيلاري كلينتون حول مستقبل أطفالنا أيضا. إلا ان هذه الأقوال لا صلة لها بالواقع.

أطفالنا يواجهون مستقبلا سترتفع فيه الضرائب وتتراجع فيه الخدمات العامة وتتدهور فيه البنيات التحتية، من طرق وشبكات صرف وأنظمة مواصلات. كما ان الشبان العاملين في الوقت الراهن يواجهون وضعا سيجعل من الصعب عليهم مستقبلا ان يكون لهم أسرة وأطفال.

من الملاحظ ان أيا من المرشحين لم يفعل شيئا يذكر تجاه هذه القضية على الرغم من ان الحقائق معروفة وواضحة.

نظام الضمان الاجتماعي يمثل ما يزيد على 40 في المائة من الإنفاق الفدرالي. كما ان تقريرا أصدره مكتب الميزانية التابع للكونغرس ذكر ان حجم برامج الضمان الاجتماعي من المحتمل ان يزيد ليصل إلى 70 في المائة من الميزانية بنهاية عام 2030. ومن الواضح ان السبيل الوحيد الممكن للإبقاء على بقية البرامج الحكومية هو فرض زيادات كبيرة في الضرائب (حوالي 40 في المائة مقارنة بمستوى الضرائب في الوقت الراهن). كما ان تفادي الزيادات في الضرائب يتطلب إجراءات خفض صارمة في برامج أخرى، من المحتمل ان تصل نسبتها إلى 60 في المائة. ومن المحتمل ان يتحمل العمال والأسر الصغيرة، وليس المتقاعدين، عبء دفع ضرائب عالية أو خدمات عامة متدهورة.

ثمة إجراءات أخرى لازمة أيضا، رغم انها اخف وطأة، على المستويين الولائي والمحلي. فالإنفاق على المدارس والشرطة والمكتبات والساحات والحدائق سيتقلص بسبب دفع مخصصات العاملين المتقاعدين للحكومة. وكانت دراسة قد أجرتها «جمعية بو الخيرية» قد توصلت إلى ان الولايات وعدت العاملين المتقاعدين برواتب تقاعد ومخصصات رعاية صحية ومخصصات ضمان اجتماعي أخرى تصل جملتها إلى 2.7 تريليون دولار خلال العقود الثلاثة المقبلة. ومن المفترض ان يأتي 0.7 في المائة من هذا المبلغ من الميزانيات السنوية.

تفضيل السلطات الفيدرالية الحالية الكبار على الشباب والماضي على المستقبل يجب ان يتغير، وهذه يجب ان تكون قضية رئيسية لحملة السباق الرئاسي. فالمرشحون يتجاهلون البرامج التي يمكن ان تساهم في صياغة مستقبل هؤلاء الأطفال. ويمكن ملاحظة النفاق لدى أوباما من خلال محاولته استمالة الشباب وطرح نفسه كمرشح للتغيير لكنه في واقع الأمر يتبنى الوضع الراهن سرا.

تكمن المشكلة في أن الإنفاق على كبار السن يحدث تدريجيا، الأمر الذي يعني أن الضغوط على الضرائب والبرامج الحكومية الأخرى ستزداد تدريجيا أيضا. وبالتالي فإن اللحظة الحاسمة لتوضيح المخاطر وحمل الساسة على تحديد الخيارات ربما تأتي في وقت متأخر.

ويبقى القول إن التأخير لا يعني سوى أن «الحلول» في نهاية الأمر ستكون غير منصفة للشباب وكبار السن على حد سواء.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»