الكآبة السريرية

TT

تصف روائية عربية المرأة بأنها: كائن استهلاكي بامتياز.. وبما أن هذا الوصف قد أتى بالطبع من امرأة متميزة فلا شك أننا سوف نأخذه بعين الاعتبار.

الشيء الذي لفت نظري في كلامها ولم أستوعبه لأول وهلة هو قولها: إن «الكآبة السريرية» التي تصيب النساء، هي التي تصنع ثروة أصحاب المحال التجارية.

فلأول مرة في حياتي أسمع عن حالة تُدعى «الكآبة السريرية»، لكنني عندما قدحت زناد فكري وأمعنت النظر وقلبت الأمور جيداً، وجدت أن ذلك الاحتمال من الممكن أن يكون وارداً، خصوصاً إذا كان بعض الرجال يعزّون النوم ويموتون فيه أكثر من مداعبة زوجاتهم.

عندها يتحول السرير فعلا عند المرأة بقدرة قادر من مكان يُفترض فيه أن يكون ملعباً للأُنس والفرفشة، إلى بركة آسنة وممتلئة بالكآبة والشخير وما هو أدهى وأمر من ذلك بكثير.

غير أن ما استوقفني في كلامها إحصائية أوردتها وجعلت فكري (يتمخول) قليلا، حيث أن تلك الإحصائية تتناقض تقريباً مع حالة «الكآبة السريرية».

وللتوضيح فتلك الإحصائية التي أوردتها والتي ظهرت في بريطانيا تقول: إن (45%) من النساء المشاركات في ذلك الاستبيان، كنّ يفضلن التبضّع على الجنس. ولا أعتقد أن كل أولئك النساء مصابات بالكآبة.

إذن فشغف المرأة وحماسها وتهافتها على التسوق والشراء ليس تقصيراً من الرجل في إرضائها، وليس تعويضاً من حرمانها من العشق العاطفي الدافئ أبداً، لكنه قد يكون «جينا» متأصلا برغبة المرأة دائما في الامتلاك.

ومن تجربتي المتواضعة والمحدودة جداً مع المرأة، أستطيع أن أزعم أن بعض النساء وليس كلهن، إذا انطلقت الواحدة منهن في أي سوق تنقلب فجأة والعياذ بالله إلى نمرة أو لبوة مفترسة ـ سموّها ما شئتم ـ خصوصاً إذا كانت حقيبتها ممتلئة بالنقود.

مثل هذه المرأة لديها قدرة خارقة على اللف والدوران منذ ان تفتح الأسواق إلى أن تغلق وكأنها في سباق (للماراثون).. إنه بالفعل مرض الشراء والاستهلاك، والكثير الكثير مما يُشترى قد يستعمل مرّة أو مرتين ثم يُهمل أو يُنسى، ولكنها (الشفاحة) وحب التملك والاستعراض الذي يضرب أطنابه في أعماق أعماق المرأة.

ولا أنسى أنني عندما كنت في أحد المعارض في بلد أوروبي على أمل أن أشتري ربطة عنق أفاخر بها بين الناس، لفت نظري رجل عربي وقور مع امرأته المتصابية التي يزيد وزنها بكل تأكيد على (مائة كيلو)، ومعهما طفلتهما التي لا يزيد عمرها على أربعة أعوام، وأخذت تلك المرأة تقيس (بالطو) من الفرو الطبيعي لونه أسود، وعندما ارتدته تضاعف حجمها، وكانت البائعة المنافقة تمتدح جمالها (وكسامتها)، فيما امتعض وجه الزوج دون أن يتكلم، وكانت المرأة مترددة، وفجأة أخذت طفلتهما تتقافز صائحة بأمها بكل صدق وبراءة: أرجوك أرجوك يا ماما اشتريه، فأنت تبدين فيه مثل (الغوريلاّ).

[email protected]