عبء التفرد: سياسة نجاد الاقتصادية

TT

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في إيران يبدو أن التضخم في صورة إيران السياسية وتداعيات الأزمة النووية ستكون على المحك أمام عقبة «التضخم» الاقتصادي الذي يشكل عبئاً على كاهل طهران بعيداً عن أي تطورات في المسار السياسي، ومن هنا فإن نقطة التوقف في التضخم السياسي ستبدأ مع الناخب الإيراني الذي ستكون له أولوية تحديد خياراته وبالتالي التوجه العام للمزاج السياسي في الداخل الإيراني، وإذا كان وصول خاتمي سابقاً جاء بناء على صعود أولوية ملف «الحريات» العامة فإن الأولوية في إيران اليوم هي اقتصادية بالمطلق ومن هنا فإن «نجاد» سيكون المشجب الخاسر الذي سيعلق عليه الناخبون التدهور الاقتصادي حيث بلغت نسبة التضخم مستويات غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية الاسلامية لتفشل معه كل وعود نجاد «الشعاراتية» ذات الطابع البراق: «أموال النفط على موائد الايرانيين».

ولا شك أن مثل هذا التدهور سيلقي بظلاله ولو بشكل تدريجي وصولاً إلى محطة الحسم المقبلة وتحديداً الانتخابات الرئاسية عام 2009 وربما قبل ذلك بكثير في حال أجبر نجاد على الاستقالة كردة فعل متوقعة لنتائج الانتخابات التشريعية وهو ما يأمله خصومه الذين يرون أن الاقتصاد الإيراني يعيش أزمة قلبية لا يمكن معها تفسير هذا التصعيد السياسي المتزايد إلا بالانتحار الذاتي وهذا ما يفسر لنا هجوم هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام وهو هجوم متوقع لكنه شفع بهجوم مفاجئ من شخصيات محافظة كقائد الحرس الثوري السابق محسن رضائي.

من طبيعة الأزمات الاقتصادية أنها تظل تعمل في الهامش كالميكروب تاركة للتصعيد السياسي فرصة العمل كجهاز مناعة وهمي سرعان ما يتلاشى بسبب سوء الإدارة المالية للدولة والتي تمثلت في الحالة الإيرانية باستبدال العائدات المهولة للنفط بسبب حمى زيادة الأسعار والتي قدمت للبلاد في شكل عملات صعبة بعملات إيرانية يتم ضخها في السوق دون أن تحظى بتغطية حقيقية لقيمتها في البنك المركزي وهذا بالتالي يفقد أي عملة قدرتها الشرائية.. هذا الوضع المتأزم من شأنه أن يزداد سوءاً إذا ما أخذنا في الاعتبار الارتفاع المطرد للأسعار وخصوصاً العقار وهو أمر لم تحله سياسة الرئيس نجاد حتى مع خبرته السابقة في إدارة البلدية.

في اعتقادي أن الأزمة الاقتصادية في إيران والتي ستلقي بظلالها على الداخل الإيراني هي أزمة فكرية في الأساس، فإيران لم تقرر بعد هويتها الاقتصادية حيث مازالت متأرجحة بين فلسفة السوق المفتوح وبين الاقتصاد المغلق للحكومات الاشتراكية والتي تخشى عادة من خصخصة قطاعات الانتاج في ظل المخاوف والشكوك من الاختراق الخارجي ولو عبر نافذة الاقتصاد .

لكن السؤال الأهم بين ركام التفاصيل الإيرانية هو عن مدى قدرة خصوم نجاد من الإصلاحيين ووسط المحافظين على إيجاد صيغة اقتصادية تقدم حلاً للمأزق الحالي بحيث يمكن تدعيمها بحملات دبلوماسية واسعة النطاق لطمأنة المجتمع الدولي، ومن هنا فإن عدم وجود برامج واضحة ومحددة للمعارضين يطلق نوارس الأسئلة على مستقبل غامض من الصعب التنبؤ فيه بأكثر من تضخم القلق كما الشعارات وكما الاقتصاد.

[email protected]