التقليل من شأن هيلاري.. حماقة سياسية

TT

في وقت متأخر من بعض ظهر يوم الثلاثاء الماضي عندما اشارت استطلاعات الرأي بعد انتهاء الاقتراع في نيوهامبشير الى ان السناتور باراك اوباما سيهزم السناتور هيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية، ساد شعور بالراحة بين العديد من الديمقراطيين ـ بمن فيهم بعض انصار هيلاري كلينتون ـ بأن البلاد ستتخلص اخيرا ليس فقط من بوش بل من كلينتون ايضا. وبعدها بأربع ساعات ظهرت الادلة على الحماقة السياسية في التقليل من شأن الرئيس السابق وزوجته.

وكانت استطلاعات الرأي بعد الاقتراع خاطئة لأنها قللت من شأن الصوت النسائي في نيوهامبشير. وإذا ما تم ضم اصوات النساء، التي مثلت 57 في المائة من اصوات الديمقراطيين، الى نتائج الاستطلاعات عقب الاقتراع، لحصلت هيلاري كلينتون على 2 في المائة. ويمكن ارجاع دعم الصوت النسائي الى اسلوب كلينتون، الذي ربما لم يكن جيدا ولكنــه فعال. فقد ادت دموع هيلاري الى تعاطف الناخبين معها، وسخرية بيل كلينتون الى احتقار اوباما.

وهو درس جيد للاستراتيجيين الجمهوريين الذين يشعرون بالقلق من صعوبة مواجهة وجه جديد مثل اوباما ويأملون في التعامل مع كلينتون. وهذا الامر يدعم وضع السناتور جون ماكين، الذي اصبح بعد نيوهامبشير المرشح الاول. الرجل الذي قضى 6 سنوات في سجون الشيوعيين وتعرض للاهانات من قبل شارع K في واشنطن الذي يضم مكاتب جماعات الضغط، يمكن ان يكون الجمهوري الوحيد الذي يمكنه التعامل مع تحديات هيلاري وبيل كلينتون. ومن الصعب المبالغة في اللهجة الحزينة في معسكر كلينتون يوم الاقتراع في نيوهامبشير. فقد كانت حملة هيلاري كلينتون هناك بعد حصولها على المرتبة الثالثة في ايوا غير فعــالة. وحتى زوجها كان يبدو انه فقد حيويته. وقارن ديمقراطي قديم من مؤيدي هيلاري المناخ خلال حملة نيوهامبشير بالأيام الاخيرة لحملة ادموند ماسكي الفاشلة في عام 1972. والتوقعات بهزيمة ساحقة لكلينتون يوم الثلاثاء ادت الى تكهنات بإعادة اطلاق حملتها في مرحلة ما بعد نيوهامبشير بل والانسحاب قبل تعرضها لإحراج في ولايتها نيويورك في 5 فبراير المقبل.

وفي ظل هذه الخلفية جرت مقارنة شكوى هيلاري في نيوهامبشير يوم الاثنين ان «الامر يعتبر شخصيا بالنسبة لي» ببكاء موسكي في مانشستر قبل 36 سنة الذي اعتبر بداية انهياره. ولكن في الوقت الذي كانت فيه دموع هيلاري طبيعية، فإن الشخص الساذج فقط هو الذي يعتقد ان هيلاري لــم تكن تتعمد اثــارة تعاطف شقيقاتها. ولكنها نجحت.

كما ان اتهام بيل كلينتون لاوباما بأنه غير مؤهل (اكبر كذبة شاهدتها) اعتبرت داخل الحزب بأنها خطأ.. وكان ذلك رد فعل معسكر اوباما. ولم يأخذ اوباما بجدية انتقادات هذا الرجل القوي. وقال «افهم انه يشعر بالإحباط الان». وفي الواقع كان يجب اخذ هجوم شخص بهذه القوة ويعتبر رمزا ديمقراطيا بجدية اكثر.

وفي نيوهامبشير خلال الفترة المؤدية الى الانتخابات التمهيدية، عبر العديد من الشخصيات الجمهورية عن اسفهم لعدم دخولهم الانتخابات ضد هيلاري كلينتون المتعبة، وعدم وجود استراتيجية لديها لمواجهة اوباما الجذاب. والاستثناء الوحيد كان السناتور ليندسي غراهام، مستشار ماكين منذ فترة طويلة، الذي شعر ان هيلاري هي اكثر خبرة وستصبح خصما اكثر قوة من اوباما.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»