دعوا إسرائيل تبني ما تشاء وانتظروا..

TT

غلب الرفض على التأييد، كالعادة، حيال انطلاق مشروع السلام. رفض المثقفين هذه المرة لم يكن ضد مفاوضات السلام، وهذا تطور فكري عربي جديد مهم. رفضهم جزئي، ضد طروحات اسرائيلية هدفها في المقام الاول تعطيل المشروع الذي تعهد الرئيس الاميركي برعايته. الاعتراض ضد اعلان اسرائيل بناء مستوطنات جديدة، وردا عليه طالب البعض برفض التفاوض. أليس هذا ما يريده الاسرائيليون، على الاقل المعارضون للمفاوضات؟ انهم بدل ان يرفضوا التفاوض مباشرة يحيلون المهمة على العرب. تضع امامهم قشر الموز، والعادة يركضون كالعميان فوقها، ويفسدون مصالحهم. ولا اعتب على قوى الرفض لأنها، ولاسباب لا علاقة لها بفلسطين، سترفض اي حل. العتب على العقول التي تريد حلا وقلوبا ترأف لوضع الانسان الفلسطيني لكنها بدل ان تفكر في المشروع الكبير، تتعارك على كل ثغرة صغيرة لرفضه.

امامهم فرصة سلام أخرى جديدة تسير في اتجاه معظم ما كنا نطالب به منذ هزيمة 67، العودة الى وضع ما قبل الحرب. نحن امام مشروع قد ينهي المأساة الفلسطينية، ويمثل اخيرا انتصارا للحق الفلسطيني.

المهم ان نسير وراء البوصلة، تشير الى المطلب الاول، اقامة دولة فلسطينية بتفاصيلها الاساسية. اعادة الاراضي المحتلة، والقدس عاصمة، وحل عادل لعودة اللاجئين. الأهم اعادة كل الارض، لا مجرد منع مستوطنات. فالمستوطنات تبنى منذ الاحتلال، وسيستمر بناؤها ما لم تنسحب اسرائيل من كل الاراضي المحتلة. بناء المستوطنات مشاريع عقارية، عند التوقيع على السلام سيكون مصيرها اما ان تزال ويعوض اصحابها، كما ازيلت مستوطنات سيناء، او ان تترك تحت الحكم الفلسطيني، وهو امر سيرفضه ويهرب منه المستوطنون.

متطرفو اسرائيل يريدون بناء المزيد من البيوت، ويتركونها في بعض الحالات غير مأهولة، من اجل دفع العرب الى الغضب والتخلي عن التفاوض.

سنرى خلال عامنا هذا مفاوضات صعبة، ستقدم لها حلولا معقولة في آخر المطاف. وأنا واثق انه لن يوجد مفاوض فلسطيني واحد سيوقع على اتفاق، لا تقوم بمقتضاه دولة فلسطينية عاصمتها القدس. ومع هذا ملاحظتي التي يجب ان اسجلها ايجابيا ان موقف معظم المعلقين العرب قد تغير اليوم عما كان عليه قبل سبع سنوات. صاروا لا يرفضون فكرة الصلح بعناوينه الكبيرة من اعتراف وسلام. هذا التفكير الايجابي يحتاج الا يفقد بوصلته، فيركز على الحل الرئيسي، ويتغلب على عقلية الشجار الصغيرة التي تعود عليها. دعوهم يبنون المزيد من المستوطنات، ودعوهم يتحدثون عن الاحتفاظ بالقدس، وعن السيطرة الامنية، ورفض عودة اللاجئين. دعوهم يثرثرون واتركوا المفاوضين الفلسطينيين يؤدون عملهم. فقط بعد الانتهاء من جولات التفاوض، وقبل التوقيع، من حق كل من شاء ان يعبر معترضا، وليترك الحكم فقط للشعب الفلسطيني، لا المصري او السعودي او السوري او الايراني. لنترك القرار الاخير للمواطن الفلسطيني الذي يجب ان يستفتى في الحل قبل التوقيع عليه. وأنا واثق انه لن يوجد فلسطيني، او عربي غيور واحد، اكثر حرصا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي اعلن صراحة حدود التفاوض ارضا وعاصمة ولاجئين وحقوقا. لذا اعطوا الرجل فرصته، واعطوا الشعب الفلسطيني فرصته ايضا، في ان يحصل على حقوقه بدل المزايدة عليه.

[email protected]