سائقة سعودية

TT

حينما يرتكب حادث مروري في أي مكان من العالم، فإن التركيز يتم على الحادث وفداحته، بعيدا عن جنسية مرتكبه، باعتباره حادثا فرديا لا علاقة له بجنسية السائق.. وفي السعودية نسبة كبيرة من الحوادث المرورية يرتكبها مقيمون من جنسيات متعددة منهم الهندي والباكستاني والمصري واليمني والسوداني وغيرهم، ولا أذكر قط أن الإعلام ميز بين حادث وآخر ارتكازا على جنسية السائق، وهذا تماما عكس ما حدث من «بعض» الصحف والمنتديات الإلكترونية في تعاملاتها مع الحادث المروري الذي ارتكبته سائقة سعودية في القاهرة، فالحادث رغم فداحته يظل خطأ فرديا ضمن سياقات الحوادث المرورية الأليمة التي تعاني منها كافة الدول العربية، ومنها مصر، التي أكدت إحدى الإحصائيات الصادرة عن قطاع الرعاية العلاجية والعاجلة بوزارة الصحة أن نسبة الحوادث المرورية فيها وصلت الى 25 ضعفا عن المعدلات العالمية، وأن عام 2007 شهد ما يزيد على 73 ألف حادث على الطرق، بلغ عدد ضحاياها من القتلى والمصابين 245 ألف شخص.. وقد تعاملت الجهات الرسمية في القاهرة مع حادث السائقة السعودية، الذي نتجت عنه بعض الإصابات والوفيات، بكفاءة ومهنية وموضوعية، كما تتعامل مع غيره من الحوادث المماثلة، لكنني أعتب على الإثارة الإعلامية التي رافقت تغطية هذا الحادث بصورة حفلت بالكثير من التهويل والمغالطات لمجرد أن السائقة سعودية، حتى أنك لو وضعت عنوان هذه الحادثة على أي محرك بحث في الإنترنت ستفاجأ بحجم المواقع على الشبكة التي تنفخ في هذا البالون المتضخم، وتصب الزيت في موقده.

ولست بصدد تحليل دوافع صناع الإثارة ولا غاياتهم، فثمة ثقة بقدرة المتلقي على إدراكها، فلو أن كل حادثة مرورية وجدت التضخيم الإعلامي الذي حظيت به هذه الحادثة لكنا أمام 73 ألف قصة، هي مجموع عدد الحوادث التي ارتكبت في مصر عام 2007، لكنها الانتقائية التي تحرص «بعض» وسائل الإعلام على تطبيقها.. وتظل مصر بقانونها وعدالتها وعراقة إعلامها موضع اعتزاز وثقة واحترام الجميع، وتبقى القاهرة العاصمة التي تشد إليها رحال السياحة العربية، والتي لا يعكر صفو العلاقة بها وبأهلها حادثة مرورية أو إثارة إعلامية.

[email protected]