أنت حيوان ولا فخر ـ وأنا أيضا!

TT

نحن نشتم الإنسان فنقول: إنه حيوان.. أما أن الإنسان حيوان.. فكلنا كذلك. ويمكن أن نضيف كلمة عاقل إلى الإنسان أو نضيف كاذب أو مصاص للدماء. ولكن الحيوان أصدق من الإنسان. ولأننا لا نراقب سلوك الحيوان فلا نعرف هذه الحقيقة. وأنا أنتهز هذه الفرصة لأنصحك أن تلتفت إلى (عالم الحيوان) في كل قنوات التلفزيون لترى حنان الأم حتى الموت. وترى حزنها على أن وليدها أكلته الوحوش.. ولترى عصفوراً صغيراً فتح صدره ونشر ريشه محاولا أن يوهم فيلا بأنه قوي وأنه قادر على حماية صغاره من هذا الجبل المتحرك. وترى الغزال الجميل الرقيق وقد تصدى لمجموعة من الأسود دفاعاً يائساً عن أولاده الصغار.. وترى الكلب يظل ممتنعاً عن الطعام بعد موت صاحبه حتى الموت ـ حتى يموت الكلب أيضاً. فالحيوان أكثر حناناً وأوفى من الإنسان ـ والحيوان لا يهاجم إلا جائعاً. ولكنه لا يقتل عمال على بطال.. ثم إن الانسان اخترع الحروب والخراب أيضاً..

وللعالم البريطاني البديع دزموند موريس كتاب صدر أخيراً بعنوان «الرجل عاريا» وقبل ذلك أصدر كتاباً بعنوان «المرأة عارية» وقبل ذلك كتاب «القرد كثيف الشعر».. وفي كلها يستعين موريس بالحيوان على فهم الإنسان ومن كل ما اهتدى إليه أن الإنسان الذي بدأ حياته في الغابات يجمع الثمار ويطلق السهام والنبال على الوحوش دفاعاً عن نفسه وأسرته لا يزال يفعل ذلك.. أي أنه لا يزال يحب طوابع البريد وأغطية زجاجات الكوكا وعلب الكبريت. وفي نفس الوقت يقاتل ويتحدى من أجل النصر. أي مزيد من القوة.. وكل أنواع الكرة دليل على ذلك.. كرة القدم والطاولة واليد والماء والجري والسباحة والشيش كلها معارك منظمة من أجل أن ينتصر. فالإنسان قد حول المعارك الدموية إلى معارك بلا دماء. وضبطها وكافأ عليها..

وأيام الحروب نقف حائرين هل نحن اخترعنا الحروب لنمضي في الصراع، أم أن رغبتنا في الصراع والتفوق هي التي دفعتنا إلى اختراع الحروب التي أدت إلى تطوير أسلحة النصر. أسلحة الحياة والدمار أيضاً.

والعبارة التي تقول: الإنسان للإنسان ذئب. أي أنه حيوان مفترس. أي استعارة أساليب الحيوان الجائع ليخطف الطعام. وقد يخطف وليس جائعاً ويسرق وليس في حاجة إلى السرقة ويقتل ولم يكن القتل ضرورياً.

اقرأ لتزداد حباً للحيوان وتعجباً للإنسان فلا يزال الإنسان أكثر حيوانية من الحيوان.