فتش عن المرأة

TT

لم تتوقف الرشوة على الفلوس أو الهدايا الثمينة فقط. اعتاد البعض على استعمال المرأة كرشوة ايضا. الحقيقة أن الرجال تفننوا في تسخير المرأة لأغراضهم، ومن ذلك استعمالها في التجسس. ابلغتني احدى الباحثات انهم بعد سقوط صدام والاستيلاء على استخباراته، وجد الباحثون ان 70% من وكلائها كانوا من الجنس اللطيف. استطيع أن أصدق ذلك، لأن الوكيل الوحيد الذي كلفوه بي كان فتاة حسناء. دسوها الي في محاولة للحصول على معلومات معينة عني.

ما زلنا نسمع كيف يستعمل البعض الغانيات المحترفات في التأثير على المسؤولين. وبالطبع يعود ذلك الى توله الرجال بالجنس والحب والجمال. بلغ ذلك اوجه في عهد لويس الرابع عشر، شمس عصره كما كانوا يسمونه. وكان كبار النبلاء يتبارون في تقديم خدماتهم الغرامية له. لاحظ أحدهم أن الملك الشمس قد تمادى في تعلقه بعشيقته المدام دولافير، بحيث انها لم تترك مجالا للآخرين أو الأخريات. فاختلى به وقال له انه رأى في المنام احد الملائكة، الذي حذره منها وطلب اليه ان يخبر الملك بتركها. بالطبع ادرك الملك الغرض الحقيقي من هذه النصيحة فأجابه قائلا، اسمع يا هذا، وتصور ان نفس الملاك جاءني وحذرني من الاستماع لنصائحك!

استمر لويس الرابع عشر بعلاقته مع تلك السيدة الفاضلة. واثناء ذلك كان المارشال دوفيغون قد توفق في دس شقيقته المدام مونتسبان، لتكون عشيقة اخرى تضاف لمحظيات الملك. وكانت اشطرهن قاطبة فقد ولدت له سبعة اولاد. والظاهر ان القوم كانوا يتسابقون في نيل هذا الشرف. لاحظ الملك ان احد حاشيته، الدوق دوسيز ما زال بدون أي ولد فسأله عن ذلك وقال: ما هذا؟ لم تلد السيدة زوجتك بعد أي طفل لك! فأجابه الدوق، نعم يا صاحب الجلالة. ستفعل هذا ان شاء الله عندما يقرر جلالتك ذلك!

وكما نتوقع كان لهؤلاء المحظيات تأثير كبير على شؤون الدولة. عرف عن المارشال الفايكونت دو تورين تعلقه الشديد بعشيقته المركيزة دوميير، التي استطاعت ان تحمله على التوسط لدى الملك لترفيع زوجها الى منصب مارشال فرنسا. ونجحت في ذلك، ونجح عشيقها بدوره في حمل الملك على الإجراء. مرت ايام والتقى لويس الرابع عشر بالفارس دوغرامون، فسارع الى إبلاغه بالقرار. قال له، هل تعلم من قد عينت توا مارشالا لفرنسا؟ اجابه دوغرامون قائلا، نعم يا مولاي. المركيزة دوميير.

ومن المعروف في تاريخ فرنسا، الدور الكبير الذي لعبته عشيقة الملك لويس الخامس عشر، المدام بوفاري في تسيير أمور الدولة. فقلما تعيّن رجل في احد كبار المناصب بدون تزكية وتوصية منها.

والظاهر أن شيوع هذا النوع من الفساد، اثنى أحد النبلاء عن الزواج كليا. فسأله الملك، أراك ما زلت أعزب. الا تفكر بالزواج؟ فقال، كلا يا مولاي. لم اجد المرأة التي تليق ان اكون زوجا لها ولا الرجل الذي يجدر بي ان اكون ابا له.