الموقف العربي المطلوب في لبنان

TT

حذر الرئيس المصري حسني مبارك من استمرار أزمة الرئاسة اللبنانية، وما سيترتب عليها، خصوصا بعد فشل المبادرات الأميركية والأوروبية، مذكرا بأنه لم يتبق إلا المبادرة العربية، مشددا على أنه «إذا لم يتم تنفيذ هذه المبادرة فإن الكل سينفض يده عن لبنان ويمكن أن يضيع هذا البلد، وعندها لا أحد يعرف ماذا سيكون مستقبله».

فهل فشل المبادرات مدعاة لترك لبنان، أم أنه مبرر للتدخل لإنهاء أزمة لبنان المتكررة ؟ قناعتي أنه من الواجب أن يكون هناك تدخل عربي فعال، وملموس، بدلا من تدخل أميركي أو أوروبي.

التدخل لا يعني مجاراة القتلة في التفجيرات وجرّ البلاد إلى حروب، فللتدخل أشكال أخرى وفعالة، وبوسع الجامعة العربية أن تقوم بهذا الدور من خلال الدول العربية المؤثرة، بقيادة السعودية ومصر. فلا بد أن يدفع من يقف خلف أزمة لبنان الثمن. لا يعقل أن يدار بلد عربي من عاصمة عربية أخرى، فليس هناك احتلال حميد وآخر خبيث.

قبل أسابيع أعلن نائب الرئيس السوري أن بلاده أقوى من أي وقت مضى داخل لبنان، وأن أصدقاء دمشق في بيروت هم أقوى مما كانوا، فهل هناك اعتراف أكثر من هذا على أن سورية تقف خلف أزمة لبنان؟ وقبل أيام خرج صاحب النصر الإلهي حسن نصر الله، الذي يفترض أنه لبناني الجنسية، مدافعا عن إيران ودورها في المنطقة.

كل هؤلاء يعلنون نصرهم، وهو تمزيق لبنان، على رؤوس الأشهاد من دون أن يدفعوا ثمنا لذلك، وعليه فلا بد أن يكون للجامعة العربية والدول الأعضاء دور مؤثر وفعال، فمثلما طاف أعضاء الجامعة العالم لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان يوم جرّ حزب حسن نصر الله البلاد كلها إلى حرب على غفلة، وتكفلت الدول الخليجية، والأوروبية وأميركا، بإعادة إعمار ما دمر، وبعد مقتل ألف ومئتي لبناني، لا بد من تدخل قوي لحماية دولة عربية عضو في الجامعة.

اعتقدنا أن موقف الجامعة العربية إبان تحرير الكويت سيشكل قاعدة للتصدي للعدوان العربي ـ العربي، لكن ما نراه في لبنان هو العكس تماما. ما يحتاجه لبنان اليوم ليس تدخلا عسكريا عربيا ضد سورية أو إيران، بل استخدام كافة الوسائل المشروعة لايقاف التدخلات السورية ـ الإيرانية.

لا بد من الإعلان عن نقل القمة العربية من دمشق، وإتباعها بموقف سياسي متشدد ضد سورية، وتصعيده حتى اقتصاديا، ما لم يكن هناك التزام بعدم التدخل في شؤون دولة عربية مستقلة، ولا بد من إعادة النظر في التقارب مع أحمدي نجاد لكي يكون لهذا التقارب ثمن.

على العرب أن يتخذوا مواقف واضحة، وأن لا ننتظر من الأميركيين، والأوروبيين، التدخل، فيخرج علينا نصر الله وأعوانه، يهاجمون الغرب، ويرمون الجميع بتهمة الخيانة وينسون أنفسهم.

نكبة لبنان هي فيمن يديرونه من خارجه، ويريدون فرض الوصاية السورية ـ الايرانية عليه، وهذه كارثة بحق لبنان، والأمن القومي العربي. فالأمر لا يقف عند لبنان وحده، بل وصل إلى التدخل بين الفلسطينيين، والعراقيين، وكذلك دول الخليج. لا بد من تدخل عربي فعال.

[email protected]