خالد الفيصل .. رؤية بلا «رتوش»

TT

توجيه أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل لمحافظي منطقته بعدم إقامة حفلات ترحيبية، أو ولائم بمناسبة الجولة التي يقوم بها على المحافظات، وتحديد لقاءاته بالمواطنين في مقار المحافظة، يدعم المنهجية الإدارية التي يلتزم بها؛ فزيارة أمير للمحافظات التابعة لمنطقته هي جزء من واجباته، ومتطلبات دوره، وإحاطة هذا الواجب بالاحتفالية يخرجه من سياقه وأغراضه، ويجعل من هذه الاحتفاليات ضربا من المبالغة والبذخ والتكلف غير المبرر.. والتأسيس لمثل هذه المبادئ الإدارية ضرورة عصرية للتفريق بين الوظيفي وغير الوظيفي، بين الرسمي والشخصي، وبين المعقول واللامعقول.

وخالد الفيصل يدرك جيدا مكانه ومكانته في نفوس سكان هذه المحافظات، ويعلم مقدار الثقة التي يولونه إياها، والآمال التي يعقدونها عليه، لذا لم يكن في حاجة إلى تأكيد ما هو مؤكد عبر لوحات الاحتفاء، وإعلانات الترحيب، فكان توجيهه صائبا بعدم إقامتها، وفي ذلك الكثير من الحكمة ورجاحة الرأي.. فالأمير في جولاته هذه يتفقد مناطق لها احتياجاتها وتطلعاتها، ورؤية الأشياء على طبيعتها بعيدا عن الاحتفالية أمر له مقاصده.

وفي ذاكرة الكثير منا عمليات التجميل الموقوتة التي تستبق زيارة أي مسؤول، كسفلتة الطريق الذي يمر منه، والارتقاء بنظافة المبنى الذي يزوره، بحيث لا تقع عينه إلا على ما يسره، وما أن يغادر المسؤول المكان حتى يعود الأمر كما كان.. كل هذه الأساليب أعتقد أن الزمن قد تجاوزها، فالمسؤول اليوم يريد أن يرى الأشياء كما هي، بعيدا عن خداع «الماكياج» و«رتوش» اللحظات الأخيرة.. وتحديد لقاءات خالد الفيصل بالمواطنين في مقار المحافظات للاستماع إليهم ومناقشة أحوال محافظاتهم يكرس اللقاء لأغراضه الأساسية، بعيدا عن أجواء الولائم، ومقتضيات الاحتفاء.

وباختصار: نحن اليوم في مواجهة فلسفة إدارية، ومنهجية وظيفية، ورؤية نموذجية، تستحق التقدير، وتستحث العزائم، وتستوجب الإشادة، وما يفعله خالد الفيصل نموذج من نماذج التغيير الإيجابي التي تتبناها كوكبة من مسؤولي هذا الوطن للنهوض بواقعنا ليصبح أفضل وأجمل وأعظم.