أميركا وباكستان.. ومكافحة الإرهاب

TT

كتبت الشهر الماضي أن الولايات المتحدة وباكستان توصلتا إلى اتفاق، توسعان بموجبه وجود وعمليات القوات الاميركية الخاصة في باكستان، بغرض تدريب ودعم القوات الباكستانية ووحدات مكافحة الإرهاب السرية لمكافحة الإرهاب. إلا ان هذا الاتفاق بات عرضة للخطر الآن.

ففي أول لقاء صحافي له، بعد اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو، قال الرئيس برويز مشرف الأسبوع الماضي، انه يشعر بالاستياء تجاه فهم الولايات المتحدة ان ما لا يستطيع الجيش الباكستاني فعله، يمكن ان تفعله القوات الاميركية. وقال في اللقاء أيضا انه يتحدى أي جهة تجرؤ على دخول مناطق باكستان الجبلية، بمن في ذلك أسامة بن لادن وآلاف من الإرهابيين الآخرين الذين يعيشون وينشطون في مناطق باكستان الحدودية. لكنه أكد ان باكستان ستقاوم أي تدخل غير مصرح به للقوات الأميركية.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة مايكل مولين، ان استخدام تنظيم «القاعدة» لباكستان كملاذ آمن أمر «بالغ الخطورة» لدى واشنطن، وقال أيضا ان باكستان هي التي يجب ان تعالج هذه المشكلة.

هناك مقربون من وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) وإدارة بوش، كشفوا ان التغطية الإعلامية للاتفاق المشار إليه ستعوق الجهود الرامية إلى تعقب «القاعدة» في ملاذها الرئيسي. إلا انني أرى أن الأمر ليس كذلك. بل على الأرجح ان التخطيط السري قد دفن عميقا تحت التصنيفات الأمنية بغرض منح باكستان ورقة توت السيادة.

من الملاحظ ان مشرف تحدث عن «أي تدخل اميركي غير مصرح به»، وهذا يترك الباب مفتوحا لجهود التعاون. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية، توم كيسي، قد رد على تحذيرات مشرف قائلا ان «أي شيء فعلته الولايات المتحدة وستفعله مستقبلا، سيكون بتعاون كامل مع الحكومة الباكستانية».

من السهل أيضا تفهم الموقف الدفاعي الذي يجد مشرف نفسه فيه. فقدراته على الإبقاء على باكستان موحدة، خصوصا في هذه المرحلة المضطربة يعتمد على سمعته كرجل قوي. إلا ان التقارير حول العمليات الاميركية في الأراضي الباكستانية، إلى جانب تصريحات مرشحي الرئاسة الاميركية ـ خصوصا باراك اوباما ـ حول تعقب تنظيم «القاعدة»، جعلت هذه السمعة في خطر. ويمكن القول ان الإشارة إلى فشل الاتفاق مع باكستان، سيؤدي إلى تظاهر مشرف بالقوة ومحاولة تأجيج المشاعر الوطنية.

وأرى انه في ظل مثل هذه الأوضاع لن تكلل مساعي القضاء على «القاعدة» بالنجاح. فنجاح جهود مكافحة الإرهاب في باكستان، لن تتحقق من خلال ضربات من جانب واحد أو عمليات تعقب المطلوبين. كما ان نجاح جهود مكافحة الإرهاب يعتمد على مجهودات عسكرية وغير عسكرية واسعة وبتنسيق تام. ومن الواضح ان لا نية لدى مشرف في تطبيق مجهودات واسعة وكاملة. إدارة بوش قد أظهرت، بعد مرور سبع سنوات، انها فيما تتحدث حول الانتصار في كسب معركة المشاعر والعقول وتعقب الجذور المسببة للإرهاب، لا نية لديها في فعل أي شيء مهم في هذا المجال.

* خدمة «واشنطن بوست»

ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)