إنني جاهز

TT

عيسى بن عبد الله ـ أبو عبد النعيم ـ الملقب (طُويس)، والمتوفى سنة 92 هجرية، كان من أشهر مغنِّي المدينة، لكنه كان أول مشؤوم وُلد في الإسلام، وقد ضُرب به المثل عند العرب فقالوا: (أشأم من طُويس).

وذلك لأنه وُلد في اليوم الذي توفيَّ فيه رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم، وفُطم في اليوم الذي مات فيه أبوبكر الصديق، وختّن قبل أن يبلغ الحلم في اليوم الذي قُتل فيه عمر بن الخطاب، وتزوج في اليوم الذي قُتل فيه عثمان بن عفان، وولد له أول ولد في اليوم الذي قُتل فيه علي بن أبي طالب، وولد له الثاني يوم أن مات الحسن بن علي.

وكان يقول عن نفسه هاجياً أو مفاخراً: «أنا أبو عبد النعيم. أنا طاووس الجحيم. أنا أشأم مَن يمشي على ظهر الحطيم».

ويبدو لي أنني من تلامذة طويس هذا، فالمعرض الفني الوحيد، والأول والأخير الذي أقمته في حياتي كان في روما سنة 1967، وكان افتتاحه في صباح يوم 5 يونيو (حزيران).

وكان العالم كله وعن بَكرة أبيه منشغلا بالحرب، وفشل المعرضُ ولله الحمد فشلاً ذريعاً (يرفع الرأس)، ولم يحضر ذلك المعرض العتيد غير ثلاثة أشخاص، أنا وحارس المعرض والمرأة التي من المفترض فيها أن توزع (البروشورات) على الزوار، فجلست بدلاً من ذلك تشتغل (بالتريكو).

وببركات معرضي ذاك، حلت بالعرب أكبر وأفدح هزيمة يعانون منها حتى الآن، ويمكن حتى (إلى بعد بكرة).

هل تريدون أن أقيم معرضاً ثانياً، لكي تتزلزل الأرض تحت أقدامكم؟!، إنني جاهز.

***

قرأت: اعتاد الموظفون في إحدى القواعد العسكرية أن يسيروا فوق الحشيش بدلاً من السير في الممر المخصص لذلك، وبعد أن فشلت كل اللافتات التي تنصحهم باستخدام الممرات، وضعت قيادة الفرقة لافتة جديدة كتب عليها: الأرض مليئة بالألغام، سِرْ على مسؤوليتك الخاصة، وأحرزت تلك الفكرة نجاحاً كبيراً.

غير أن فكرة أخرى تفتقت بها قريحة أحدِ المزارعين قد نجحت أكثرَ من ذلك، حيث يشق مزرعته طريق عام، وكان الكثير من السائقين يعبرونه مسرعين مما تسبّب في دهس بعض مواشيه ودواجنه، وأحياناً بحوادث التصادم.

فما كان منه إلاّ أن وضع لافتة كبيرة في أول المزرعة بجانب الطريق تقول: احترس من السرعة، فعلى يمينك ويسارك (نادٍ للعراة).

وأصبحت السيارات بعد ذلك وبقدرة قادر تسير وكأنها تسير على (قشر بيض)، ولا همّ لمن بداخلها غير الالتفات يميناً وشمالاً.

والوحيد الذي عبرها وهو مسرع ومغمض العينين هو (حضرتي).

[email protected]