عندما يكتمل المترو

TT

عندما يكتمل مشروع القطار الداخلي في دبي بعد عام سوف يكتمل تشابهها بمدينة نيويورك. ليس من فوق فقط بل من أسفل أيضاً. ليس من حيث الناطحات التي سدت الأفق مثل مانهاتن بل من حيث تعدد الأجناس والأعراق والهويات التي تملأ البلد مثل المدن الهائلة الاختلاط في العالم: لندن. باريس. نيويورك. تورنتو وسواها.

هناك مدن كبرى وسامقة كثيراً حول العالم: بكين. شانغهاي. مومباي. دلهي. ولكنها مدن شبه متجانسة في اللون والعرق وحتى أحياناً في المعتقدات. ولكن التنوع الذي بدأه النموذج النيويوركي يظل مذهلا، ويقوم على توافق غريب وتسامح توافقي عميق الجذور بين الأسر المهاجرة. فعندما قامت الفوضى في لوس أنجليس قبل سنوات، اشتبك الكوريون مع الأفرو أميركيين وليس مع اليابانيين أو الصينيين من أعدائهم القدامى. والإرهابيون الباكستانيون في لندن استهدفوا باصات تحمل جميع أنواع المهاجرين وليس الهنود. والذين فجروا قطارات مدريد استهدفوا المدينة كهوية عامة وليس أعداء معينين. هناك رابط خفي في المدن الكبرى هو التسامح ووحدة الحال والمصير. ونيويورك ليست المعرض البشري القائم في الأمم المتحدة عند الجادة الأولى فقط، بل هي المعرض البشري القائم في جميع الجادات والمباني العالية والمرافئ والمجمعات التجارية الكبرى. ولا اعتقد أن هناك بلداً أو عرقاً غير ممثل في المدينة من أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية، إضافة إلى هارلم، التي أصبحت جزيرة قائمة بنفسها. وقد خرق بيل كلنتون اللون الأفريقي الغالب على هارلم، عندما قرر بعد خروجه من البيت الأبيض أن يجعل مكتبه القانوني هناك.

دبي أوائل هذا القرن هي نيويورك أوائل القرن الماضي. وبسبب موقعها الجغرافي تجتذب الآسيويين من أواسط القارة وأقاصيها على السواء. ويأتون من جميع الألوان والطبقات، عمالا وفنيين ومستثمرين، تغريهم الحالة الاقتصادية الوافرة وتحول البلد إلى مركز مالي شديد الأهمية، بعدما كان مجرد مركز تجاري نشيط، يعامل الجميع بالتساوي. وليس في دبي ثروات طبيعية حتى من النفط، لكنها بنت هيكلها الاقتصادي على أساس الاستفادة من الثروات التي حولها، وأقامت بنية تحتية تجعل منها أحد أهم المراكز الدولية هذا العصر، بعدما كانت قبل ربع قرن مركزاً تجارياً بسيطاً ومحدود الآفاق. لكن الحركة التي كانت في هونغ كونغ ولبنان وبعض ما في ماليزيا وسنغافورة، وجدت في دبي مركزاً مثالياً من حيث القوانين والحداثة والتسهيلات. ومثل نيويورك راحت تمتد عامودياً في الأبراج، وعلى الأرض تتحول إلى ملتقى بشري مثير.