شكسبير وشوقي وأم كلثوم!

TT

ونحن أيضاً. فابنة صديق لي قدمت بحثاً عن شكسبير. وتجاوزت حدودها وهاجمت عبقري الشعر الإنجليزي. فما كان من أستاذها إلا أن انفرد بها. وقال: عندك. قفي عند حدودك. من أنت؟ تواضعي وافهمي. وبعد ذلك استأذني شكسبير كلما تحدثت عنه أو إليه!

فقد رأت الابنة الطالبة أن تتهجم على شكسبير العظيم في بلده. وهو ما لا يحتمله أي إنجليزي. تماماً كما نضيق نحن بمن يتجنى على العقاد ويستخف بشوقي ويسخر من أم كلثوم. فلا نرى ذلك أدبا وإنما قلة أدب وغرورا وجهلا تماما!

أذكر أستاذنا في علم الاجتماع، عندما كنا طلبة، حين قال إنه تعلم في السوربون بباريس، وإنه رضع الحرية، حرية النقد ونقد الحرية، وإنه لا شيء يسعده إلا أن ينقده تلامذته وأولاده، ولا شيء يسعد الأب إلا أن يكون أولاده أحسن منه. أي انقدوني فأنا أشجع على ذلك. كما شجعنا أساتذتنا في باريس!

وبمنتهى حسن النية قرأ أحد الزملاء كتاباً لأستاذنا د. علي عبد الواحد وافي ورد الكتاب إلى مصادره الفرنسية.. بما معناه أن الأستاذ لم يضف جديداً. وإنما هو نقل من الكتب الأخرى.. أي أنه ليس أستاذا وإنما هو (شيال) عبارات من هنا إلى هناك، وقال إن أساتذته الفرنسيين قالوا: هذه بضاعتنا ردت إلينا.

لقد طبق زميلنا بالضبط ما طلبه الأستاذ منا في حرية النقد والتعبير عن الرأي بشجاعة.. ولم يبق إلا التقدير والتكريم على هذا الأداء الصادق والمخلص..

وجاء الأستاذ ووزع علينا أبحاثنا ومعها كلمات التقدير والتشجيع.. إلا هذا الزميل الذي نفذ توصيات الأستاذ تنفيذاً حرفياً أعمى.. وانتقد الزميل رأي الأستاذ في بحثه الذي أضناه وأرهقه. وكان التعليق هكذا ولا أزال اذكره من خمسين عاماً: قرأت كتابي فأسأت فهمه. ولخصته فشوهته. وبالجملة بحثك ضعيف جداً. صفر على عشرين!

كذب الأستاذ، والتلميذ صدق الأستاذ، فكانت النتيجة كما ترى.. وهي عبرة لمن يصدق كل ما يقال حتى لو كان أستاذاً من السوربون!