محسود باكستان .. بن لادن الجديد

TT

اسمه بيت الله محسود، علقت في رقبته تهمة اغتيال بنازير بوتو، رئيسة وزراء باكستان السابقة. الأميركيون أيدوا أخيرا هذا الاتهام الذي وجهته السلطات الباكستانية لمحسود منذ اليوم الثاني من وقوع الجريمة. وتنظيم محسود خليط من جماعات تلقب بطالبان الباكستانية على خلاف مستمر مع حكومة برويز مشرف وتتوعدها بالقتال. الآن تعززت فرضية أن جماعة محسود هي التي نفذت اغتيال بوتو في روالبندي، مخترقة كل الإجراءات الأمنية في احتفال شعبي انتخابي. تركت الحادثة تساؤلات ومخاوف وهزت الثقة في الأمن في البلاد. كان ما يثير التساؤل في الماضي، لماذا نجت باكستان لسنين طويلة من شر الإرهاب، رغم أنها تقع في الجوار، وتعتبر محطة دولية مهمة لملاحقة القاعدة؟ كما أن عدم التحاق باكستانيين بتنظيم القاعدة مبكرا، وندرة تورط الباكستانيين الأفراد في حروب طالبان أيضا، كانا مثار الاستغراب، خاصة مع وجود مناخ أصولي متطرف في بعض المدارس الدينية الباكستانية.

لكن يبدو أنه تاريخ انقضى حيث أن باكستان، ذات المائة والخمسين مليون نسمة، مقبلة على فصل خطير مع الإرهاب. فقد حاول أن يطال رئيس الجمهورية وفشل، ثم هدد بوتو ونجح، مستطيعا أن يضعف الوضع الداخلي أمنيا وسياسيا، ويثير القلق دوليا حول أمن باكستان بما تعنيه من أهمية استراتيجية وقوة نووية.

نخشى أن يكون اغتيال بوتو بداية لأزمة طويلة، كما تتنبأ المعلومات الأخيرة الواردة من هناك. فالبلاد تتأهب لمزيد من الإرهاب الذي ضرب أمس مسجدا شيعيا في بيشاور القريبة من المنطقة المضطربة نفسها. المعلومات شحيحة حول محسود وجماعته طالبان الباكستانية، ولا يستبعد أنها مرتبطة بالقاعدة وربما يوجد معها شخص مهم كأيمن الظواهري الذي أسهب في الحديث عن الوضع الباكستاني مؤخرا.

فهل نحن أمام قاعدة جديدة، ووريث جديد لابن لادن، وربما فوضى كبيرة تنطلق من مناطقها على الحدود الباكستانية ـ الأفغانية؟

لقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن الإرهاب لا يموت بالنسيان. فقد جادل البعض بأن ملاحقة الإرهاب مجرد دعاية سياسية أعقبت الحرب على أفغانستان، لكن الأحداث المتتالية تثبت مجددا أن الجماعات الفكرية الإرهابية مهما كانت مدحورة، كما حدث للقاعدة وطالبان قبل سبع سنوات، لا تتوقف عن تجديد محاولاتها، والعودة الى مشروع الإرهاب. وإذا كان صحيحا أن محسود وجماعته هم من قاموا باغتيال بوتو فهذا يعني أن القاعدة قد بعثت من جديد من باكستان. وحتى تكون المسألة أكثر تعقيدا لا يستبعد أن تقوم قوى إقليمية بدعم حركات الإرهاب الجديد لإشعال المزيد من الفوضى والحرب بالنيابة، على غرار ما حدث في العراق.

[email protected]