خطة لمقاومة الإرهاب بالسخرية من زعمائه

TT

الحكومات تكافح الإرهاب بوسائل، أمنية وثقافية واجتماعية، واستباقية بحماية ابناء الأسر التي تعتنق الاسلام، من الوقوع في فخاخ زعماء الجماعات، التي تسوقهم لتدمير ذاتهم وقتل ابناء وبنات وطنهم.

دعاة الشر وفقهاؤه لا يرسلون اولادهم في عمليات انتحارية، بل يضللون اولاد الناس لتنفيذ المهام القذرة، فهم، مثل زعماء عصابات الارهاب لا يعرضون اولادهم او انفسهم للخطر، بل يختبئون في جبال وزيريستان.

احترنا كمعلقين من تخبط الحكومة، بزعامة توني بلير، ثم غوردون براون، وعدم وضوح برنامج استباقي يعرقل منظمات التطرف عن استدراج المراهقين المسلمين.

الحكومة تهدر ضرائبنا في خطط عبثية كحوار الثقافات والأديان التي تلوم الضحية، بدل القاتل بخرافة السياسة الخارجية كسبب للارهاب. وسياسة التعددية الثقافية وتعبير «خصوصية ثقافة المسلمين» كصورة متخلفة رسمها ائمة مستوردون من قرى باكستانية لم يدخلها نور الكهرباء أو نور العقل، يفتون بحرمة الاختلاط بغير المسلمين، فيعزلون انفسهم كغرباء في وطنهم بريطانيا.

فنان السخرية الانجليزي كريس موريس، يعد عملا افضل من عبث الحكومة، فهو مثقف ناقد تلفزيوني، وممثل وكاتب فن التعليق الساخرsatire ، موهبته رفع الغطاء عن موقف جاد فيكشف تناقض الجوهر الفارغ مع ادعاء الساسة والزعماء، فيضحك الناس ويفقد السياسي أو الزعيم مصداقيته.

يعد موريس كوميديا تقدم «الجهاديين» (أي الارهابيين الاسلاموجيين ترجمة تعبيرIslamists terrorists) الذين يبررون جرائمهم ضد عباد الله من نساء وأطفال، بأنها جهاد. فنان الكوميديا المصري الموهوب عادل امام، سبق موريس بالسخرية منهم في اعماله «الإرهاب والكباب» ـ مما جعل الاخوان والجماعات الاسلاموجية يضعونه على قائمة الاعداء الكفار.

جهود موريس ستوضح للناس ـ ولعل الحكومة تفهم ايضا ـ ان ائمة مثل ابو حمزة المصري، وعمر بكري، وأمثالهم مجرد مهرجين وحمقى.

فريتشارد ريد، حاول تفجير طائرة بحذاء مفخخ لم ينجح في اشعال رباطه بعود ثقاب، لأنه «زود عيار الصنف حبتين» اي كان مسطولا اكثر من اللازم!

هذه الشخصيات تتحول معالجتها في يد فنانين كموريس، او كعادل امام، او كالكاتب الساخر علي سالم، الى نبع لا ينضب من الكوميديا.

الارهابيون يعيشون على تخويف الناس، وكلما شددت الحكومات اجراءات الامن، ازداد رعب الناس وضحك الارهابيون ملء اشداقهم، فلماذا لا يأخذ فنانو الكوميديا زمام المبادرة ليضحك الناس على ارهابيين اجندتهم السياسة، والغاية من جهادهم تدعو للضحك؟

سمعت من يؤكد ـ بجدية وصرامة ـ ان غاية الجهاد اطلاق آذان الصلاة من برج بيغ بن فوق البرلمان، ورفع راية الاسلام فوق قصر باكنغهام وداوننغ ستريت (لم يستقروا بعد على لون الراية)! أهناك كوميديا افضل من ذلك؟

المراهقون ينبهرون بـ«شيوخ الجهاد»، كما يسميهم صحفيون عرب في فضائيات الزعيق والصراخ، أو الصحف الصفراء، لكن كشفهم كبلهاء وحمقى يثيرون استهزاء المشاهدين تكون «دش» بارد يفوق معه المراهق من انبهاره بالهالة التي رسمها الاعلام مع بث شريط «الزعيم» المزيف منذ صباه!

الأبله كرمز للاستهزاء لا يصلح كقدوة «جهاد» هو، بدوره، تحرك عدمي لتدمير الذات باسم «الاستشهاد».

طبعا ليس كل ارهابي بمهرج؛ لكنه غالبا مغفل ساذج («اهبل» بالتعبير المصري) مضطرب نفسيا، يكتشف الزعماء الاكثر ذكاء ودهاء نقطة ضعفه ـ او غروره ـ فيجندوه للارهاب، ويكتفون بتوجيهه من بعيد، ثم يتفاوضون وقد يشكلون الحكومة بعد انتهاء مرحلة العنف.

فالإرهاب مرحلة تكتيكية ـ وسيلة عمل مرحلية ـ وظفتها حركات جادة كجزء من استراتيجية تحقيق الغاية. والتاريخ مليء بالأمثلة، وزعماء تخطيط (وليس منفذي) ارهاب الامس هم حكام او شركاء في الحكم اليوم من جنوب افريقيا حتى ايرلندا الشمالية.

هناك حالات قد تبرر الكفاح المسلح من اجل الاستقلال، او مقاومة احتلال.

وأحيانا يغرر اصحاب ايديولوجية الشر بالمراهقين فيخلطون ما بين مقاومة جيش معتد في ساحة المعركة، وإرهاب ضحاياه من المدنيين والنساء والأطفال؛ وهي مآس ولا تصلح للكوميديا، فلا احد يضحك لمأساة.

وهناك ارهاب بلا استراتيجية ممارسوه يعانون هوس النرجسية، او ادمان رومانسية الارهاب؛ لا تفهم من او ماذا يقاومون؛ كالإرهابيين في الجزائر، والمغرب، ومصر والأردن والسعودية وبريطانيا.

نال الارهاب هذه الأمم بيد مواطنيها، وليس في أي منها جيش احتلال لمقاومته!

إحساسهم بالظلم مستعار من الغير او مستورد. ارهابيو 7/7 في لندن مواطنون بريطانيون عاشوا في رفاهية، والقوا الخطب عن معاناة الفلسطينيين والعراقيين، الذين لم يقابلوا احدا منهم ابدا. تجد جزائريا او سعوديا او مصريا يبرر إرهابه ضد مواطنيه بدعم افغانستان أو تيمور الشرقية (عجز متظاهرون في جامعة الازهر للتضامن معها عن تحديد تيمور الشرقية على خريطة بلا اسماء)، غايتهم فانتازيا مضحكة كدولة الخلافة العالمية، وإعادة احتلال الاندلس، وراية الاسلام فوق قصر باكنغهام.

دوافعهم نرجسية (الانتحار لتدمير الغير هو قمة العدوانية النرجسية)، واختصروا مشقة الجهاد الى مجرد اخراج اليد من الجيب للضغط على زر تفجير الحزام الناسف.

ويحكي مراسل كيف انتظر وزميله المصور خالد شيخ محمد، مدبر تنفيذ هجمات 11 سبتمبر، اكثر من 50 دقيقة بدل الأخير اثناءها وعدل ملابسه المختلفة، حتى وجد ما يخفي كرشه الضخم عن الكاميرا. محمد عطا، قائد المجموعة الإرهابية نفسها، حدد في وصيته أدق تفاصيل غسل جثته وإعدادها للدفن؛ مفردا مساحة معتبرة لأمر شغله كثيرا، وهو احتمال تطلع ممرضة أو طبيبة (أي انثى) إلى جزء محدد من جسمه، أو ربما لمسه!

فهل هناك كوميديا اكثر تناقضا من وصية محمد عطا بتوجيه الحانوتي «الحريمي» للتعامل مع جثته التي تصور انها ستخرج سليمة من حريق انصهار الطائرة، وبرج التجارة العالمي بعد الاصطدام؟

تحويل هؤلاء الى مصدر للسخرية أمر مطلوب لحماية الشباب.

المراهقون، والشباب المعزول ثقافيا عن ثقافة البلاد، يعيش احلام يقظة ببطولة خيالية لانبهاره بقدرة شريط فيديو على تعطيل حركة الطيران، هو يشاهده على فضائيات تمجد بطولة زعيمهم بن لادن. ابو حمزة المجاهد بأولاد الآخرين، و«المسطول» ريد ابو الحذاء المفخخ، وعطا ابو الجثة التي يخشى على ذكورتها من اصابع الممرضات، بعد نجاتها من احتراق الطائرة وأمثالهم، بتحويلهم الى مصدر للكوميديا الساخرة والضحك عليهم وعلى بن لادن، هو درع ثقافي مهم لحماية الشباب من انبهار الفضائيات.

حلقات موريس الكوميدية، ستكون افضل وأكثر فاعلية من سياسة الحكومة التي تهدر اموالنا على مشاريع تنفخ جيوب وتضاعف ثروات من ضحك على الحكومة، بإنشاء منظمات ومجالس غير منتخبة تدعي تمثيل المسلمين؛ فقد حان وقت الضحك عليهم مع كوميديا موريس.