أوباما: نموذج متطور لقيادة نضالنا التاريخي

TT

أي تحليل جدي لحملة مرشح الرئاسة الديمقراطية باراك أوباما، يأخذ في الاعتبار القوى المحركة للعام 2008. ويتطلب هذا التحليل تفهما لتطور حركة الحقوق المدنية وتاريخ علاقتها مع القادة السياسيين. ومن هذا المنظور، يمثل اوباما نموذجا متطورا لقيادة حركة المدنية الحالية ونضالنا التاريخي.

لا يقدم اوباما نفسه كزعيم في مجال الحقوق المدنية، إذ انه يتخذ مسارا مختلفا للوصول إلى البيت الأبيض. لكنه مع ذلك من المستفيدين من تلك الحركة الاجتماعية العظيمة. يجب ان نتذكر انه لم تمض سوى 54 عاما على القرار الخاص بقضية براون ضد مجلس التعليم الذي وضع نهاية للفصل العنصري في نظام التعليم وفتح فرصا جديدة لغير البيض. كما انه لم تمض سوى 44 عاما على المصادقة على قانون حقوق التصويت، الذي كبح التمييز العنصري في الانتخابات.

تراكم الإنجازات التي حققتها حركة الحقوق المدنية منحت السود، رجالا ونساء والمتحدرين من أعراق مختلطة حق المنافسة في انتخابات الرئاسة. كما ان حركة الحقوق المدنية سمحت بأن يتقلد السود والنساء أو المتحدرين من أصول اميركية جنوبية المناصب العليا.

عندما فاز اوباما في السباق التمهيدي في أيَوا، قلت إن «مارتن لوثر كنغ سيكون فخورا بأوباما اليوم. سيكون فخورا بأميركا».

أعلنت تأييدي لحملة اوباما منذ انطلاقها. إلا ان قادة الحقوق المدنية ظلوا باستمرار يلعبون دورا منفصلا عن مرشحي الرئاسة. ففي العام 1968 أدت ضغوط قادة حركة الحقوق المدنية إلى إصدار «قانون الإسكان المنصف». والآن، في عام 2008، نسعى بجدية للتوصل إلى حل لأزمة الأسواق العقارية.

قادة حركة الحقوق المدنية في ستينات القرن الماضي انتقدوا عددا من قضايا عدم المساواة. واليوم نستنكر حقيقة ان السود يشكلون نصف نزلاء السجون، فيما لا تزال الفجوة العرقية قائمة في نظام التعليم والتوظيف ووفيات الرضّع والعمر المتوقع وكل مناحي وتفاصيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الحياة الاميركية.

أعلنا احتجاجنا على حرب غير عادلة استهلكت قدرا من الموارد التي كان من الواجب ان تستخدم في «الحرب على الفقر» داخل الولايات المتحدة. الحاجة إلى العدالة العرقية والاقتصادية لا تقل ضرورة اليوم عما كانت عليه قبل 40 عاما.

اوباما وهيلاري كلينتون وجون ادواردز يحتاجون اليوم إلى حركة حقوق مدنية كي تساعد في توجيه بوصلة ترشيحهم الأخلاقية وحماية أولوياتهم. حركة الحقوق المدنية، من جانبها، في حاجة إلى مرشحي رئاسة يتولون أجندتنا ويعملون على تحويلها إلى قانون.

هذه علاقة أشبه بالشراكة بين مارتن لوثر كنغ والرئيس ليندون جونسون. إذ انها شهدت مظاهرات ومقاضـاة وتشريعـــات لتحقيق نضال الحقوق المدنية خلال ستينات القرن الماضي. تحدى مارتن لوثر كنغ جونسون في ما يتعلق بمعالجة الظلم الاجتماعي في وقت اعتقد فيه الرئيس انه لم يعد بوسعه تحقيق ذلك. كنغ كان في حاجة إلى جونسون ـ وكذا الكونغرس والمحاكم ـ للوقوف على تطبيق أجندة الحقوق المدنية.

* داعية الحقوق المدنية الأميركي ورئيس منظمة «تحالف قوس قزح»

غير الربحية

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»