تنفيذ حكم القتل من أجل عيون الطفولة

TT

شهدت السعودية الأسبوع الماضي تنفيذ أول حكم بالقتل تعزيرا على أب بعد إدانته بتعذيب ابنته من زواج سابق طيلة عام كامل مما أدى إلى وفاتها، وقد نفذ الحكم في الأب وزوجته التي أسهمت معه في ممارسة تعذيب تلك الطفلة البريئة.. وكانت غصون ذات التسعة أعوام قد تعرضت لعمليات تعذيب شرسة من قبل والدها وزوجته تسببت في موتها، وأثارت قصتها الرأي العام في حينه، خاصة أنها أتت في سياق سلسلة من الاعتداءات تعرض لها عدد من الأطفال على أيدي ذويهم..

ويرتقي البيان الذي أعلنته وزارة الداخلية السعودية مساء الأربعاء الماضي بتنفيذ حكم القتل تعزيرا في مكة المكرمة على الأب وزوجته لأن يكون إنذارا لكل من تسول له نفسه الإقدام على مثل هذا العمل الوحشي، وأنا على ثقة بأنه سوف يحمي الطفولة إلى حد كبير من بعض الوحوش البشرية التي تحيط بها من ذوي القربى، ويحسب للقاضي الذي أصدر هذا الحكم تقديره الصائب لبشاعة الجريمة، وسعة أفقه لما يحيط الطفولة البريئة في بعض بيوتنا من أخطار وتهديدات.

ومما تجدر مناقشته متصلا بهذه القضية أن الطفلة غصون قد أخذت من والدتها قبل عام من وفاتها بحكم شرعي، وهذا يفتح باب السؤال: هل تستعين المحاكم عند تقرير رعاية الأطفال إلى أحد الأبوين بفريق نفسي اجتماعي مختص يقرر صلاحية الحاضن على ضوء توازنه النفسي، وثرائه العاطفي، ومستوى وعيه، وغير ذلك من العوامل المؤثرة في التربية أم لا؟.. أطرح هذا السؤال وأمامي عدد من الحالات التي ناقشتها الصحافة، وارتبط التعذيب فيها بشخصيات الآباء، وليس من بينها حالة واحدة كانت الأم فيها في مواجهة الاتهام.. ويتفق المربون على أن استخدام الزوجان للأطفال في حالة الطلاق كوسيلة من وسائل الضغط على الآخر أو معاقبته أسلوب يتسم بالجهل، وعدم تقدير مصلحة الأطفال، بل وعدم الاعتراف بإنسانيتهم، ومن أفضل الأساليب التي ينبغي مراعاتها في حالات الطلاق أسلوب الحضانة المشتركة، الذي يتحمل فيه الوالدان معا مسؤولية الرعاية من خلال تقسيم وقت الطفل بين الأبوين في هدوء لكي لا تنقطع صلة الطفل بأبيه أو أمه، فهذا من شأنه تخفيف الضغط النفسي الذي يسببه طلاق الأبوين على الطفل.

وباختصار: إن الطفولة البريئة تلوذ بوعينا ـ كمجتمع ـ لإنقاذها، فنفعل ما يمكننا فعله لتحقيق أمانها.

[email protected]