ساركوزي

TT

يكاد لا يغيب عن الشاشة.. وتكاد الصحف والمجلات لا تجد عناوين وأخباراً وصوراً غير تلك المتعلقة به وبحياته الخاصة. فأين سهر وكيف أمضى عطلة رأس السنة ومن ستكون رفيقته في زياراته الرسمية؟ تفاصيل ليست محصورة ضمن هوامش الأخبار السياسية للرئيس الفرنسي، بل هي في متن الاهتمام بسيرة الرجل. ذلك هو حال نيكولا ساركوزي الذي أينما حل وارتحل واثق من أن ما يفعله، مهما بدا هامشياً وعادياً، لن يمر من دون أن يلحظه الإعلام.

لقد باتت كل تفاصيل حياته تقريباً منذ انتخابه رئيساً لفرنسا قبل نحو عام موثقة بالصور والفيديو على نحو لم يألفه الرؤساء الفرنسيون الذين كانوا يميلون غالباً إلى إبقاء حياتهم الخاصة بعيدة عن الأضواء.

منذ وصوله إلى قصر الإليزيه بدا وكأن الفرنسيين سيعايشون نموذجاً قريباً من الذي مثله الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي من حيث الذي كان من اوائل من استفاد من عصر الصورة واستثمر انجذاب الإعلام والصحافة نحوه.

نجومية ساركوزي انطلقت بداية عبر زوجته سيسليا، التي أظهرت منذ اليوم الأول تمرداً على بروتوكولات الرئاسة وما لبثت أن تمردت وأعلنت الانفصال، وكرستها لاحقاً قصته العاطفية مع العارضة الايطالية الشهيرة كارلا بروني، التي لم يتردد في إظهار انجذابه نحوها أمام عدسات المصورين على نحو لا يخلو من الحميمية. باتت علاقة ساركوزي ببروني قضية يُسأل عنها علنا في المؤتمرات الصحافية ويكاد الصحافيون يبادرون بسؤاله عن مستقبل علاقته بالعارضة الجميلة قبل أن يسألوه عن قضايا الشرق الأوسط والعالم!!

لكن ما حقيقة انجذاب الصحافة إلى علاقة ساركوزي ببروني!

ولماذا تنال حياة الرئيس الفرنسي الخاصة هذا القدر من التغطية الإعلامية؟! وهل حقاً أنه كلما بدأ الفرنسيون يشككون ويتساءلون عن شؤونهم العامة يحدث شيء ما في حياة ساركوزي الخاصة!!

إنها تساؤلات باتت تطرح علناً في فرنسا اليوم وهي تستبطن شكوكاً قد يبدو أن لها ما يبررها. فهل العلاقة مع كارلا بروني والانشغال الإعلامي الكبير بها هو هروب من اخفاقات سياسية ما. ومن يضع الأجندة للآخر: الإعلام أم ساركوزي!. لا شك أن جمال بروني الآخاذ وشهرتها هي وسيلة إعلامية ممتازة لإغراء الإعلام وتزويده بقصص وتفاصيل لا تكاد تنتهي عن حياة العارضة والرئيس واحتمال تحولها إلى سيدة أولى للإليزيه. انشغال الإعلام بحياة ساركوزي الخاصة يعني أن مساحة التعليق والتحليل والمعارضة تتراجع، مقابل جاذبية الحياة الخاصة وأسرارها.

ليس سهلا على الإعلام الفرنسي اليوم انتقاد ساركوزي..

فعدا عن طغيان الخاص على العام، يبرز عامل العلاقة الشخصية بين الرئيس الفرنسي ومجموعة أساسية من مالكي وسائل الإعلام الكبرى. البعض وصف قناة TF1 الشهيرة بأنها «تلفزيون ساركوزي» نظراً للعلاقة المتينة التي تجمع مالك القناة الشهيرة بالرئيس الفرنسي.

إنها منافسة فعلية بين الإعلام والسياسيين حول من هو الطرف الأقوى القادر على تحديد أجندة الآخر. فإذا أراد السياسي الربح وامتلاك صورته عليه أن يدفع الإعلام للركض وراءه. وهل من مادة تسيل اللعاب قدر بروني؟!

diana@ asharqalawsat.com