من قتل بي نظير بوتو؟

TT

حينما قرأت أن الجنرال مايكل هايدن مدير الـ« سي آي أيه» يعتقد أن شيخ قبيلة باكستاني من طالبان تحالف مع القاعدة لقتل بي نظير بوتو، كان رد فعلي الأولي هو أن اكتب اعتذارا بسبب تضليلي قرائي. فأنا كنت قد افترضت أن عناصر مارقة من الحكومة الباكستانية أو جهاز الاستخبارات أو بعض الضباط المتقاعدين وراء اغتيال بوتو.

لكن عند التفكير في الأمر قررت عدم تقديم اعتذار. فهناك ثلاثة أمور مغلوطة في استنتاج هايدن: الاول هو أن الـ«سي آي أيه» تعتمد على جهاز الاستخبارات الباكستاني في هذا النوع من المعلومات. والثاني هو أن من أطلق النار لا يجيب عن كيف تمكن القتلة من الوصول إلى المكان الصحيح في الوقت الصحيح. وثالثا فإن الفوضى الحالية هي باختصار ناجمة عن الفوائد الكثيرة التي كسبها الرئيس الباكستاني برويز مشرف منها كذلك هو الحال مع خصومه من طالبان الباكستانية سيستفيدون من استنتاج الـ«سي آي أيه» وهذا ما يعارض الرأي العام في باكستان والكثير من التقارير الصحافية.

وقال هايدن إن الـ«سي آي أيه» توصلت إلى هذا الاستنتاج القائل إن الزعيم القبلي بيت الله محسود وبمساعدة بعض أعضاء القاعدة مسؤول عن اغتيال بوتو. وهو لا يستطيع أن يقدم تفاصيل لكنني أعرف هايدن منذ أن كان كولونيلا وأنا أثق به.

لكن ذلك لا يعني أنني أمتلك معلومات كافية كي أفهم حقا ما حدث. وقال هايدن إن الغليان الجاري في المنطقة الحدودية الباكستانية بالقرب من أفغانستان هو حقيقي ويخدم تعميق التعاون بين أجهزة الاستخبارات الأميركية والباكستانية في محاربة الإرهاب. فمحسود هو واحد من الزعماء الذين برزوا وبالتأكيد هو يمتلك القدرات لتوجيه عملية الاغتيال. لكن كلما زادت الفوضى كلما أصبحت الولايات المتحدة معتمدة أكثر على الاستخبارات الباكستانية والمسؤولين الباكستانيين في المعلومات. نحن لا نمتلك أي تأكيد مستقل.

ثانيا، ثمة اسئلة حول ما اذا كان أمن بي نظير بوتو كافيا ودور الشرطة الباكستانية ووزارة الداخلية والشرطة السرية في تسهيل عملية الاغتيال الانتحارية. إلا ان مثل هذه التساؤلات ربما لا تكشف العقل المدبر للعملية.

أخيرا، ربما يخشى قادة قبائل مثل محسود، في ظل نظام تحكمه بي نظير بوتو من تراجع الحكم الذاتي الذي حصلوا عليه بشق الأنفس، إلا ان ثمة سؤال: لماذا لم تكن هناك قوة فاعلة من جانب مشرف والحكومة الباكستانية في السيطرة على هذا الجزء من باكستان؟ لأن الخطر الذي يتهدد مشرف فضلا عن السعي الى الإبقاء على الجيش في حالة تأهبه التقليدي على الحدود الهندية يجعلانه اكثر ميلا لأن يكون هناك نوع من التسوية الهادئة مع الجماعات المارقة في المنطقة الحدودية ـ وهذا أمر عزز موقف اسلام آباد بالطبع.

يقول هايدن ان «القاعدة» لم تعد فقط، بل ايضا عززت موقفها من خلال تحالفها مع «جماعات متطرفة وانفصالية» باكستانية في منطقة الجبال غرب باكستان. ويصف هايدن هذا الوضع بأنه دولة ارهابية داخل دولة، وهو خطر على رفاهية باكستان، وهذا ما يراه السفير المتجول السابق هانك كرومتون الذي ادلى بتعليقات مشابهة.

الولايات المتحدة بدأت تتحرك الآن بعد ان اقتنعت بأن «القاعدة» لها ضلع في ما يحدث ومضت قدما في زيادة حجم قواتها في باكستان وبدأ البلدان مرحلة جديدة من التعاون في مكافحة الارهاب. الخطة الرئيسية تتلخص في طرد «القاعدة» والمقاتلين الأجانب وإضعاف الثقافة القبلية كي تبسط الحكومة سيطرتها في نهاية الأمر. إلا ان المشاكل التي تعترض هذه الجهود تتلخص في عدم وجود خطة واقعية فضلا عن انه ينبغي على الولايات المتحدة في الجانب المتعلق بتطبيق هذه الخطة التحالف مع قوى غير ديمقراطية في باكستان.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»