أكذوبة الحرب على الإرهاب

TT

عندما يخلو الواقع من براهين حقيقية، تؤكد مدى جدية الحرب المعلنة على الارهاب وما تشترطه تلك الجدية من منهجية في معالجة الارهاب، يصبح من حقنا أن نشكك في مصداقية هذه الحرب، التي يبدو أن الارهاب من آخر اهتماماتها.

إن هذه الأكذوبة التي تكتسب «شرعيتها» من أحداث تاريخ 11 سبتمبر، تعرف عملية فضح وتعرية متواصلة، الشيء الذي يجعلنا غير قادرين على تصديقها وبالتالي على تصديق اصحابها.

وإذ نراها اليوم بعد قرابة سبع سنوات، أكذوبة بأتم معنى الكلمة، فإن ذلك لأن المنطق قد أصبح عاجزا عن مقاربتها واستيعابها خارج صورة الأكذوبة.

إن الحرب على الإرهاب على المستوى النظري، مسألة في غاية الأهمية والجدية خصوصا بعد أن اتضح للدول القوية كما الضعيفة، والغنية قبل الفقيرة، أن أمن الجميع مستهدف والكل أمام الارهاب سواسية.

لذلك فإن المنطق يقول في حال توخي الجدية في الحرب على الارهاب أن يتم القضاء على بؤر التوتر وتجفيف منابع الارهاب من خلال محو أسبابه واستئصال الرحم الذي يعشعش فيه.

هذا ما يقوله المنطق وما ينتظره الذين صدقوا جدية الحرب على الارهاب. أما أن يزور بوش اسرائيل والأراضي المحتلة في الأشهر الأخيرة من ولايته ويتحدث عن ضرورة قيام دولة فلسطينية لا تشبه الجبنة الفرنسية خلال هذا العام، ثم وبمجرد مغادرته المنطقة، ترتكب اسرائيل مجزرتها البشعة في قطاع غزة بشكل يلحق العار بكل الانسانية والشعوب والدول دون استثناء، فإننا في هذه الحالة ورحمة بعقولنا من هذه التناقضات السريعة وحالة الفصام بين المعلن والممارسة، نخير اعتبار الحرب المعلنة على الارهاب، أكذوبة نجح أصحابها في تسويقها، كمسألة جدية وصارمة.

وهنا نتساءل: هل غاب عن العقل السياسي في الولايات المتحدة وجميع مكوناته من ساسة وخبراء، أن يفهموا أن القضية الفلسطينية، هي المفتاح السحري، لتذويب الارهاب في منطقة الشرق الأوسط ؟

في الحقيقة إن هذه المسألة أكثر بزوغا من شمس الظهيرة ذاتها، ولكن يظهر أن مصالح رواد البراغماتية في العالم لا تلتقي وتسوية القضية الفلسطينية بشكل يحولها الى اللاقضية.

لقد رأينا بشاعة الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان في صائفة 2006 ، وكيف داست على ما تبقى من الوجدان العربي من خلال مذبحة «قانا» الجديدة وها هي ترتكب مجزرة أخرى في قطاع غزة محولة الفرح الى مأتم، وغير عابئة لا بالأطفال ولا بالعجائز.

ويصعب على المراقبين لهذه المجازر أن يصدقوا أن الولايات المتحدة رافضة وغير راضية عما سال من دم، فنحن أكثر الشعوب خبرة ومعرفة بما يمكن أن ترفضه الولايات المتحدة وكيف تحرص على عدم حصوله.

هناك لخبطة تجعل من كل عملية فهم لما يجري، تذهب في اتجاه قتل أمل بلوغ أي تسوية ممكنة. فمن الواضح أن إسرائيل تنوي التوغل أكثر في مشروع تصفية حماس جسديا وإبادة ما تستطيعه من الشعب الفلسطيني. وتلك هي «المقبلات» التي اختارت إسرائيل أن تقدمها للفلسطينيين قبل المفاوضات ولنا أن نتصور شكل وحجم الطبق الرئيسي القادم.

[email protected]