الأردن .. غدا

TT

الزائر هذه الأيام للعاصمة الأردنية عمان لا يملك سوى الاندهاش من حجم التغيير والحراك الاقتصادي الهائل الملحوظ في قطاعات مختلفة من هذه المدينة النشطة. فالحراك المعماري يتطور، والمشاريع التطويرية في أكثر من موقع مهم، وشركات التقنية العالية والجامعات والمدارس الخاصة تنتشر بشكل بديع.

الأردن تحول في السنوات الأخيرة الى نقطة مستقرة في حي مضطرب استثمر في تعليم مواطنيه وبدأ يحصد نتاج ذلك. هناك حالة استثنائية من الممكن معاينتها في الشباب الأردني وهي ثقتهم الواضحة بالنفس، التي جعلتهم يدركون أنهم في خانة مميزة في سوق العمل وذلك بتكوينهم لأنفسهم سمعة «مختلفة» وهي الجدية والمسؤولية والكفاءة، وهي صفات نادرة في سوق لا يرحم. والأردن قد يقدم اليوم نموذجا واعدا وأملا مطلوبا لما قد يكون عليه عرب المستقبل.

الأردن بلد محدود الموارد، ويقع في منطقة شديدة الاضطراب والوعورة السياسية ومع ذلك تمكن بالتخطيط والبناء المنطقي للإنسان أن يطرح نفسه على الساحة التنموية والاقتصادية كرقم صعب وخيار معقول لكل من يرغب في اتخاذ القرار الاقتصادي السليم.

لقد اهتم الأردن بتطوير القطاع التعليمي حتى بات أحد روافد الاقتصاد، وبات من المألوف مشاهدة الآلاف من الطلبة العرب وهم يبتعثون للمعاهد والجامعات هناك، كما تم الاستثمار في بعض المنشآت الطبية اللافتة حتى تحولت هي الأخرى لنقطة جذب سياحي متخصص در مداخيل مهمة للأردن. ومؤخرا وفي السنوات الماضية تحول الأردن الى عاصمة التقنية الحديثة في العالم العربي بامتياز عبر شراكات لافتة مع مؤسسات متخصصة عملاقة في هذا المجال. وأخيرا انضمت السياحة لقافلة الموارد الاقتصادية المتنوعة لتضع الأردن على خارطة السياحة في العالم العربي تحديدا والعالم عموما.

واليوم الأردن مرشح للدخول في دائرة الدول المنتجة للنفط، نعم النفط! فبعد تألقه في إنتاج الفوسفات بامتياز، منح الأردن رخص تنقيب لشركات عالمية لاستخراج النفط من الصخور (وهو مورد معروف في أكثر من دولة بالعالم) وكان ذلك غير ممكن في ظل وجود أسعار النفط في مستويات دنيا، إذ تبلغ الجدوى الاقتصادية لبرميل النفط الصخري 25 دولارا، وهذا ممكن في ظل وجود أسعار تقارب المائة دولار للبرميل المستخرج تقليديا، مما يعني أن هناك خيارا آخر للتنقيب. الأردن يدرك أيضا أن هناك تحديات اجتماعية واقتصادية هائلة جدا، إذ أن الفجوة بين الغني والفقير بلغت حدودا مرعبة، وكذلك حجم البطالة والتضخم ينذران بكارثة غير بسيطة، ولكن الأردن يبدو أنه على طريق سليم وإحدى أبرز أسباب نجاحه هو الإيمان بقدرات أبنائه والتخطيط المناسب لذلك.

[email protected]