ألا يدري موسى أن لا حل في بيروت ؟

TT

هل كان يعتقد الامين العام للجامعة العربية انه يستطيع ابتداع حل جديد للأزمة اللبنانية؟ أو هل ظن انه قادر على احراجهم ودفعهم الى حل وسط؟ أو هل يظن ان اللبنانيين بقدر ما يمضي معهم على موائد المزة والشيش طاووق قادر على احراجهم ودفعهم الى حل وسط يرضون به؟ بل هل يصدق الامين العام، ان اللبنانيين بأحزابهم وقياداتهم يملكون الكلمة الأخيرة في أزمتهم، ولا يدري ان الحسم قابع عبر الحدود؟

أنا واثق ان الامين العام يعرف دقائق الشأن اللبناني أكثر من اللبنانيين أنفسهم، ويعرف انه صراع خارجي في معظمه، وكثير من الفاعلين في الشأن الداخلي هم ممثلون لقوى خارجية، ومهما احتفت بالأمين العام، ومهما اعطاها من افكار خلاقة لحل الأزمة، لن تجرؤ على القبول بها دون ايماءة من الخارج. هذه حقيقة الأزمة اللبنانية مهما انفق اللبنانيون من ساعات للحوار التلفزيوني حولها، التي جعلوها اكثر قضايا العالم نقاشا، كما لو ان المشكلة سوء فهم او سوء تعبير.

اما لماذا يخاطر السيد موسى بحياته، وصحته في الطقس البارد، ويبدد وقته، وهو يدري ان لا حل في بيروت، فشأنه عند الامين العام وحده. ربما احس أن هناك لحظة انفراج قصيرة، وان الحل بات قريبا ويحتاج الى دعم عربي، خاصة مع اقتراب موعد القمة العربية في دمشق.

ربما كانت لمحاولاته فرصة النجاح لو ان الاطراف المعنية، لا الاطراف اللبنانية فقط، تريد حلا، سواء من اجل انجاح القمة العربية او انهاء أزمة طال أمدها، او ربما تبدلت الظروف كما حدث مع ايران التي اصبحت واثقة ان المواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة صارت بعيدة الاحتمال وبالتالي لم يعد هناك مبرر للابقاء على التوتر السياسي في لبنان.

في تصوري ان كل الاطراف اللبنانية، بما فيها الاكثر رفضا وصراخا بالاعتراض، تريد حلا اليوم لأنها تعرف جيدا ان البديل أسوأ، كما تدرك ان ادنى الحلول الممنوحة لها أفضل مما كانت تتمتع به قبل الأزمة. حتى الجنرال البرتقالي عون يعيش أزهى أيامه الآن، بعد ان كان منفيا في باريس يتجنب مقابلته معظم السياسيين اللبنانيين، ويتنقل في كل مكان آمنا مطمئنا، في حين قبلها كان ممنوعا من العودة الى بلاده.

ورغم ان المعارضة، والأكثرية بالطبع، تريد انهاء الأزمة والعودة الى العمل، لكن بدون إشارة خضراء من وراء الحدود لن يستطيع سياسيو بيروت القبول بحل مهما كان مدعوما من الجامعة العربية. وبكل اسف لا أتصور اننا قريبون من الزمن الذي تصبح فيه الاطراف التابعة مستقلة برأيها وقرارها، لأنها اما مرتهنة بحكم الوضع الامني على الأرض، او مأسورة بإغراءات الدعم المادي واللوجستي الخارجي او تبعية ايدلوجية عمياء.

[email protected]