شارون يبحث عن جبهة جديدة

TT

هل تحضّر اسرائيل لفتح جبهة جديدة في لبنان؟ لم يعد طرح تساؤل كهذا في ظل الهجوم الاسرائيلي الاخير على موقعين سوريين في لبنان، ينبع من خلفية اكاديمية، فالهجوم الاسرائيلي على موقعي رادارات سورية في سهل البقاع اللبناني جاء على نمط الهجوم الذي شنه الطيران الاسرائيلي في اواخر ابريل (نيسان) الماضي ضد السوريين في لبنان، والقاسم المشترك بين الهجومين انهما نفذا بتجاهل تام للسيادة اللبنانية وجاءا في سياق تحميل سورية المسؤولية المباشرة عن اي عمل عسكري ضد قوات الاحتلال الاسرائيلية ينطلق من الاراضي اللبنانية.

ويبدو ان رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون يحضر الاجواء لخوض حرب جديدة داخل الاراضي اللبنانية بهدف تحويل الانظار عما يجري في الاراضي الفلسطينية المحتلة، فقبل نحو اسبوع قضى نصف وقته في واشنطن في محاولة ابلاغ اي راغب في الاستماع اليه، مزاعمه بوجود «استعدادات عسكرية سورية ايرانية» في لبنان، حتى انه ابلغ الرئيس الاميركي جورج بوش بوصول اكثر من الفين من عناصر حرس الثورة الايرانيين الى جنوب لبنان لنصب الفي صاروخ حديث معدة لمهاجمة اسرائيل، وروى تفاصيل عن كيفية نقل هذه الصواريخ المزعومة بالطائرات من طهران عبر دمشق.

ولم يعبأ شارون بعدم وجود دليل يدعم مزاعمه تلك او عدم التقاط اي من الاقمار الصناعية الاميركية التي ترصد حتى أصغر التحركات العسكرية في المنطقة اي مؤشر على تحركات لقوات او لصواريخ.

وترمي خطة شارون الى اقحام القوات السورية في ما يجري من عمليات عسكرية في لبنان واستدراج سورية الى حرب واسعة لارغامها على الانسحاب من مواقعها في لبنان. وقد يكون احد الدوافع الاستراتيجية لاعادة الانتشار العسكري السوري الاخير في لبنان مواجهة هذا الاحتمال. لقد كان مجيء شارون الى السلطة في ظروف ازمة شديدة، وهو يعلم ان قيادته المتطرفة لا سبيل الى بقائها في السلطة الا في ظل استمرار النزاع. ولو ان هدوءا نسبيا عاد ليخيم على الاراضي المحتلة ومن ثم فتح الباب امام استئناف مفاوضات السلام فانها لن تفضي الا الى قيام دولة فلسطينية، وهو ما يرمي شارون تحديدا الى منع حصوله.

على ضوء هذه الخلفية لن يكون مفاجئا لو ان شارون الذي كان وراء هندسة اجتياح اسرائيل للبنان عام 1982 اراد تكرار تلك التجربة المأساوية. وعلى ذلك قد يكون على الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي التدخل بشكل اكثر فعالية من ذي قبل لمنع شارون من اشعال فتيل حرب واسعة في المنطقة.