ملف السجون المتورم

TT

تمثل مشكلة سجناء الرأي في الدول العربية احد عوامل التوتر السياسي، وهي مشكلة متفاقمة. كما ان ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني المطالبة بالحريات يساعد على استمرار هذه المشكلة الانسانية، وعلينا ان نعترف انه لولا ضغوطات منظمات دولية فاعلة في مجال حقوق الانسان لأصبحت هذه القضية احدى القضايا المنسية في العالم العربي.

سجناء الرأي من غير المتورطين في دماء الابرياء ـ يحتاجون الى قرار سياسي شجاع في العديد من الدول العربية، ولقد كانت تجربة عدد من الدول العربية في مجال العفو العام مثل سلطنة عمان والمغرب والبحرين، وانتشار روح التسامح السياسي في دول مجلس التعاون الخليجي، نماذج لاهمية انهاء هذا الملف المتورم.

هناك سجناء في العديد من الدول العربية لم يحصلوا على حق المحاكمة العادلة، ولا حق الدفاع عن النفس، كما ان اغلبيتهم متهمون بالتغريد خارج السرب دون ايذاء احد، وبعضهم يعيشون في اوضاع سيئة في السجون، وتصل الامور في بعض الدول الى انكار الحكومات لوجود هؤلاء السجناء، او منع اقاربهم من زيارتهم. كما ان هناك حالات اختفاء عديدة وبطرق لا انسانية بحجة خطر هؤلاء على الأمن، او بسبب تقارير الاجهزة الامنية.

هناك عشرات الآلاف من «سجناء الخارج» وهم سجناء دون سجن، اولئك الذين هربوا من دولهم بسبب الاضطهاد، وبسبب انعدام حرية التعبير، وهؤلاء يعيشون مع عائلاتهم خارج اوطانهم، وحالة الكثيرين منهم لا تختلف عن حالة السجناء، والفرق هو انهم يعيشون في سجون كبيرة خارج اوطانهم.

تجربة الدول التي اتخذت قرارات شجاعة بالعفو العام عن الجميع هي تجربة تستحق الاحترام، فالذين كانوا بالامس سجناء في الداخل او هاربين في الخارج اصبحو مشاركين في التنمية، واحيانا في اتخاذ القرار، والنفوس التي كانت مشحونة ضد الحكام والانظمة تغيرت كثيرا، وحالة الاستقرار السياسي في هذه الدول لا تقارن بما كانت عليه في فترات القمع.

الحاكم الشجاع هو الذي يعطي لمواطنيه الحرية دون خوف، وليس هناك اسهل من استخدام العنف والقاء الناس في السجون، ولكن هذا فعل الضعفاء والخائفين والذين لا يثقون بالناس وتبادلهم شعوبهم عدم الثقة.

العالم العربي بحاجة الى اغلاق ملف الاعتقال والتشريد، مثل حاجته الى الهواء، فهل يعتبر البعض؟ لا ندري.