الإنسان المتواضع

TT

ورد في التراث العربي أن أحد الأمراء ولىّ أعرابياً ـ أي بدوياً ـ على عمل من أعمال الرعية، فأصاب خيانة فعزله واستدعاه، فلما قدم عليه قال له: يا عدو الله أكلت مال الله؟!.. فقال له الأعرابي: ومال من آكل إذا لم آكل من مال الله؟! إنني والله راودت إبليس ألف مرة أن يعطيني درهما واحداً فما فعل.

ضحك الأمير حتى استلقى على قفاه، ثم أعاده إلى منصبه.

* * *

ومن التراث أيضاً: أن (الشعبي) مر يوما بإبل فشا فيها الجرب، فقال لأعرابي كان يرعاها: أما تداوي إبلك يا أخا العرب؟!

ـ إن لنا عجوزا مؤمنة نتكل على دعائها.

ـ لو جعلت مع دعائها شيئا من القطران، كان ذلك أرجى.

الذي ذكرني بهذا هو دعاء أحد خطباء المساجد الذي كلما أمعن بالدعاء ردد المصلون وراءه قائلين: آمين، آمين، وأنا كنت من أولهم.

وعندما خرج الجميع (عادت حليمة إلى عادتها القديمة)، وكأن شيئاً لم يكن، وأنا كذلك كنت وما زلت وسأبقى من أولهم، لقد نسينا دعاء الشيخ، ونسينا أننا قلنا (آمين).

ولكن إذا كان غصني الذي نشأت عليه أعوج (مكحوت).. فما هو ذنبي؟!

* * *

وكذلك من التراث، ويبدو لي أن اليوم هذا أصبح عندي كله (متروث) ـ والله يعين ـ

قال عبد الملك بن مروان لرجل من غطفان: صف لي أحسن النساء.

قال: خذها يا أمير المؤمنين:

ملساء القدمين، رذماء الكعبين، ناعمة الساقين، ضخماء الركبتين، لفاء الفخذين، ضخمة الذراعين، رخصة الكفين، ناهدة الثديين، حمراء الخدين، كحلاء العينين، زجاء الحاجبين، لمياء الشفتين، بلجاء الجبين، شماء العرنين، شنباء الثغر، محلولكة الشعر، غيداء العنق، مكسرة البطن، أطولهن إذا قامت، أكبرهن إذا قعدت.

أقسم بالله لو انني صادفت امرأة كهذه لأطلقت (كراعيني) للريح، لأنني بصراحة ما أقدر، ما في حيل وتافل العافية، الغريب أن الخليفة ابن مروان أرسل المراسيل في كل الأمصار، وأتوا له بامرأة تنطبق عليها جميع هذه المواصفات، ودخل بها دخول عزيز مقتدر. وتقول الروايات، إنه طلقها من ثاني يوم من زواجه، والى الآن لا أحد يعلم ما هو السبب، هل هو منها، أم أن السبب كان منه هو؟.. وقد كثرت الشائعات في حينها، تماماً مثلما هي الشائعات عندنا اليوم.

إنني إنسان متواضع لا أطمع من الدنيا بغير (كعب أنثى) غزال.

[email protected]