لا تقلق.. أصدقاؤك المفلسون في أمان

TT

وصلتني بالبريد الإلكتروني رسالة بالإنجليزية من مصور سعودي عالمي معروف، عنوانها النجدة، وتفاصيلها تشير إلى أنه تعرض لفقدان محفظته في إحدى عربات الأجرة أثناء وجوده في نيجيريا في رحلة عمل، وبالتالي مهدد بالحجز على جوازه وحقائب سفره من قبل الفندق، إن لم تصله حوالة عاجلة بمبلغ 2000 دولار، وقد اشتملت الرسالة على اسم «........» ورقم حساب في أحد البنوك النيجيرية.. وليقيني بأن صديقي المصور لا ناقة له في نيجيريا ولا دراجة هوائية، سارعت بالاتصال على هاتفه، فرد بنبرة صوت توحي بأن صاحبها يتناول وجبة دسمة من الطعام، ولا تتسق مع رسالة عنوانها «النجدة» و«الحقوني أيها الإخوان»، ومع هذا كبت استنتاجاتي، وآثرت أن أسأله عن موضوع الرسالة، فتعالى صوته متعجبا:

ـ هل وصلتك أنت أيضا؟!

والقصة وما فيها أن لصوص «الإنترنت» استولوا ـ بطريقة ذكية ـ على بريد صديقنا المصور الفنان، واستخدموه وسيلة للاحتيال على جميع أصدقائه المسجلين في بريده من مختلف أنحاء العالم، على أمل أن يتورط في حبائلهم، «النشامي» الذين سيهبون لنجدة الفنان، وفك أسره، بينما هو لم يغادر مدينته جدة منذ شهور.

ومن يومها وصديقنا المصور يعمل جاهدا على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بإبلاغ من يحتفظ بعناوينهم من الأصدقاء بحقيقة ما جرى لبريده، ولا يزال حتى اللحظة يسابق الزمن، وليس ثمة وسيلة لإفناع «yahoo» بإيقاف ذلك البريد الإلكتروني، الذي يرى أنه تحول إلى فخ لكرام الناس من أصحاب المروءات، الذين سوف يزعجهم بقاء صديقهم الفنان رهينة 2000 دولار!

حاولت أن أخفف عن صديقي مما بدأ يشكل له شيئا من القلق، بأنها فرصة لمعرفة أصدقائه الحقيقيين من المزورين، فمن سارع بالدفع وجب الحفاظ عليه، ومن لجأ إلى الهاتف مثلي فأمره «بين بين»، أما أولئك الذين لم يقوموا إلا بعمل «delete» على الرسالة فهؤلاء يجب إسقاطهم من حساباته، وهي في كل الأحوال فرصة لتخفيف حمولة ذاكرة هاتفه الجوال.. لكن يبدو أن صديقي فقد شهيته للمداعبة، وانغمس بكليته في هاجس بريده المسروق، وما قد يترتب عليه من سرقة واحتيال.

وله أقول: لا تقلق يا صديقي، وتأكد أن اللصوص سيصابون بخيبة أمل، حينما يدركون ـ بعد فوات الأوان ـ أن أصدقاء «الألفي دولار» ليسوا دائما موجودين في قائمة البريد الإلكتروني للمصورين والأدباء والكتاب.. فاطمئن يا صديقي، أصدقاؤك المفلسون في أمان.

[email protected]