دافوس

TT

في هذه الأيام يحج مريدو «العولمة» إلى قبلتهم الأهم، وتحديدا إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في قرية دافوس الشتوية بجبال الألب السويسرية، للتواصل وطرح ومناقشة أهم المواضيع الاقتصادية والسياسية والعلمية والثقافية في جو فريد في نوعه وسط موقع جغرافي بديع وأخاذ. ويبحث المنتدى هذه السنة بشكل أساسي مواضيع السلام والاستقرار والملكية الفكرية.

وقد كان من عادات المنتدى في السنوات التي مضت إطلاق العديد من المبادرات، وعقد لقاءات خاصة في مسائل تنموية وعلاقات ثنائية بين أطراف متباعدة. وكان المنتدى سباقا في تسمية منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ MENA، واعتبارها كتلة اقتصادية وسوقا واحدة، وكذلك كان أول من انتبه للصعود الاقتصادي المذهل لكل من الهند والصين وأعد له العدة من إصدارات خاصة ومؤتمرات محددة. وراهن المنتدى بقوة على السلام الشرق الأوسطي، إلا أن ذلك الأمر لم يتحول لنجاح ولا قدم لأجله الخطوات الملموسة المطلوبة. وأطلق المنتدى في أكثر من مناسبة تحذيرات لافتة ومهمة عن الاضطراب المهول في المناخ العالمي، والنتائج الوخيمة المنتظرة جراء الاحتباس الحراري الذي لا تزال مفاجآته تتوالى الواحدة تلو الأخرى.

والمنتدى الذي كان أول وأهم من روّج لمفهوم العولمة الاقتصادي بشكله المعروف اليوم، وكان ولا يزال أبرز وأهم المنادين بإزالة الحدود والعوائق وفتح الأسواق، يواجه تحديات مهمة اليوم، فهناك ردود فعل متفاوتة ومتنامية في أكثر من دولة حول العالم تضررت من الأسباب «غير العادلة» التي أثرت بسلبية على أوضاعها الاجتماعية وتسببت في إحداث شروخ بالغة الخطورة في كياناتها .

اليوم المنتدى مطالب أكثر من أي وقت مضى بمكاشفات جريئة عن أخطار العولمة والسوية غير العادلة التي حدثت في السنين الأخيرة، ومحاولة إبراز أهم الأسباب التي أدت لذلك، وطرح وسائل ومبادئ لإصلاح تلك الأخطاء بحيث لا يتحول مفهوم العولمة، الذي رحب به الكل إلى ناد مغلق للنخبة، تكون فيه المسائل محسوبة بشكل ظالم وغير عادل.

دافوس «فكرة» مهمة انطلقت عام 1971 عن طريق كارل شواب، واليوم بات هذا الرجل أهم من العديد من رؤساء الدول حول العالم، وتحول إلى صانع قرار وباني أحلام، ويبقى التحدي الأكبر هو أن تكون النتائج فيها إنصافا للكل وليس لأعداد بعينها.

[email protected]