جريمة: أن تجمع بيض الطيور!

TT

تابعت ليلاً شاباً معه بطارية صغيرة يوجهها نحو الفروع العالية للأشجار، ثم يطلق رصاصة صغيرة. وينحني على الأرض ويجمع العصافير التي سقطت. ثم يتركها على الأرض. إنه يقتلها لا لكي يأكلها هنيئا مريئا. وإنما يقتلها وبس. لماذا؟ لا يوجد سبب إلا الرغبة في قتل هذه الكائنات البريئة الجميلة. وهي نائمة. وعاتبته على هذه الفعلة الشنيعة. ولم أجد ما أقوله لأنه يجد لذة في ذلك. ولا يوجد قانون يمنعه!

ولو أفلحت في جرجرته الى قسم البوليس لعله يلقى عقاباً فسوف أصادف أحد الجنود الذين لا يرون ذلك شاذاً. وقد حاولت أكثر من مرة ووجدت من يقول لي: شباب.. وبدلاً من أن يطلق الرصاص على شبان آخرين. يا سيدي قلبك أبيض! عصافير إيه اللي انت مهتم بيها؟! يا راجل صلي على النبي!

يعني لا عقاب ولا قانون بينما نشرت الصحف الإنجليزية وعلى مساحات كبيرة: كيف أن المحكمة عاقبت أحد المواطنين بالسجن تسعة أشهر، لأنهم وجدوا عنده بيضات للغراب. ورأوا في ذلك وحشية وإخلالا بالبيئة. واعترف المتهم بأن تلك هي هوايته من عشرات السنين.. وفي ذلك اليوم كرر المدرسون في كل المدارس ذكر هذه الواقعة الوحشية حتى لا يفكر أحد من الطلبة الصغار في أن يرتكب هذه الجريمة.. ولا أن يكون مثل هذا المتهم المريض! مع أن هذا المتهم لم يقتل غراباً.. ولا عصفوراً ولا صقراً. وإنما حرم هذه الكائنات من أن تعيش وفي ذلك إخلال بالبيئة وهي جريمة لا تقل بشاعة عن قتل أي كائن حي بلا سبب مشروع!

ولما عرفت المحكمة أنه يعلم أولاده هذه اللعبة المجنونة – أي سرقة البيض من أعشاش الطيور، أبعدوا أولاده الصغار عن البيت وأدخلوهم مدرسة داخلية لتصحيح المعلومات التي سمعوها من أبيهم. ثم أفرجوا عن الأطفال بعد تعهد مكتوب من الأب بألا يحدثهم عن مغامراته الشهيرة. ونحن مع الأسف لا نجد مثل هذه الأعراف في بلادنا.. فكما أن من حقنا أن نعيش، فمن حق الحيوانات والكائنات الأخرى أن تعيش. ربما كان ذلك سببا في إحجام بعض الناس عن أكل اللحوم. بل إن في الهند مذاهب دينية تحرم قتل النمل فيضعون له السكر في أركان البيت ليعيش؟!