أزمة الناس المحترمين

TT

جماعة «14 آذار»، كما يسمون أنفسهم، أي الأغلبية البرلمانية والحكومية، والشرعية الرسمية، تعيش منذ ثلاث سنوات في حال عجز مزرٍ. فقد قتل وزرائها ونوابها، ويستمر تخويف المؤيدين لها، ومنحها خيارا واحدا: إما إلغاء الشرعية التي تمثلها، أو تخريب البلاد.

أمس الأول قام المحسوبون على حزب الله، كما كان منتظرا، بأعمال شغب هدفها هذه المرة تخويف وزراء الخارجية العرب المجتمعين في القاهرة. المعارضة ضحَّت من أجل رسالة الفوضى هذه بسبعة من الشباب، ويعرف الجميع انها لن تبالي بموت ألف آخرين طالما أن ذلك يقوض الوضع أو يخدم حلفاءها في الخارج، فحياة الناس هنا رخيصة.

والسؤال ليس لماذا يفعلها رفاق المعارضة في تكتل «8 آذار»، بل ما الذي تنوي فعله الأكثرية، التي نجحت حتى الآن في شيء واحد: البقاء رغم الاغتيالات والتهديدات والاعتصامات المعادية؟

مشكلة هذا الفريق انه ينتظر معجزة إلهية، التي لم تصل بعد منذ ثلاث سنوات. فكل الذين اغتيلوا هم منه، او من المحسوبين عليه. وكل قياداته في خوف مستمر من القتل، حيث يعيشون في فندق فينسيا محاصرين بالحماية الأمنية، او في قلاع لا تنام.

أزمة الفريق الشرعي انه يقف في معسكر مسالم، أما الآخرون فيحتمون بإيران وسورية اللتين تعتبران العنف لغة سياسية مشروعة. في مقابلها تقف السعودية ومصر الأكثر حرصا في تعاملهما على ألا تجرح كلمات بياناتهما السياسية مشاعر أحد على الطرف الآخر، دع عنك أن يفكرا بما وراء ذلك. معضلة «14 آذار» انه فريق مؤدب مدعوم بكتلة محترمة، في وجه فريق «8 آذار» الذي لا يغضب أحد أن يقال عنه إنه فريق من «الزعران» مع دعم خارجي أكثر «زعرنة». وبالتالي كيف يمكن لشخصية محترمة مثل فؤاد السنيورة أن يقابل شخصا لا يخجل من استخدام التهديد مثل الجنرال عون الذي احترف الشتيمة عشرين عاما؟

إنها مأساة العالم العربي المتكررة، لا لبنان وحده، السياسيون المحترمون يخسرون عادة. اللعبة هنا لا حدود لها ولا أخلاق، فيها القتل والابتزاز والشتم والتهديد.

والسؤال: كيف يمكن ان تنتهي هذه المعركة غير المتكافئة؟

من المؤكد أن فريق «14 آذار» لن يكسب طالما أن الأزمة تدار بأسلوب دمشق وطهران، فلا يمكن أن يستمر الاحتماء في فندق فينسيا من القتلة، ولا يمكن الاعتماد على الجامعة العربية التي يقول مسؤولوها همسا إنه ليس هناك ما يمكنهم فعله لإجبار سورية على تغيير أسلوبها في إدارة الأزمة اللبنانية، كما أن القوى الأخرى لها حساباتها. فإسرائيل لا يهمها سوى تأمين حدودها، وهي سعيدة بان تستمر الامور كما هي اليوم. كما أن وزيرة خارجية الولايات المتحدة، كونداليزا رايس، تعتبر لبنان بلدا غير مهم في حساباتها التي تقوم على تقليل الخسائر في العراق، ومحاولة احتواء إيران بالمقاطعة والإغراءات.

فماذا يتبقى من القول غير «إللي اختشوا ماتوا).

[email protected]