أفغانستان وباكستان: جدلية الأمن وقضية طالبان

TT

عقدت اجتماعا إيجابيا للغاية في الآونة الأخيرة مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف في إسلام أباد، ووجدت فهما أفضل للمشكلة، واستعجالا جديدا لمواجهة الإرهاب. وأملي في اتخاذ باكستان موقفا أكثر تشددا ووضوحا، وسط رؤية لمنطقة خالية من استخدام التطرف لأغراض سياسية. وإذا ما اتخذت باكستان خطوة واحدة في هذا الاتجاه، يمكننا في أفغانستان اتخاذ العديد من الخطوات لدعمها.

اذا كانت تقصد أن سياسة العمق الاستراتيجي مرتبطة بترويج التطرف الديني، وأنها أتت بنتيجة عكسية ضد باكستان، فمفهومها في هذا الاتجاه يقترب من الصواب، لأن ذلك هو عينه ما يجب مواجهته.

وهنا أقول إن استخدام التطرف لأي غرض، لن يحقق لك هذا الغرض. ولذا فستلحق السياسات الخاطئة الضرر بنا كلنا، مثلما تضر بباكستان.

وحين يجيء الحديث عن طالبان، فلا بد من التفريق بين مستويين في وصفها، لأنها في الأساس، ومن وجهة نظري، جماعة متزمتة، وليست متطرفة. وليست لها أيديولوجية الكراهية ضد الآخرين أو استخدام السلاح ضد الآخر. فكلمة طالبان تعني أصلا طالب في مدارس دينية يسعى لكي يصبح عالما في القضايا الدينية. ولا يعتبر هذا المقصد راديكالية في ذاته. الراديكالية هي أمر تحفيزي، منطلق من قناعة معينة. ولسوء الحظ، فإن هذه الراديكالية استخدمت كوسيلة من طرف آخرين في العقود الثلاثة الماضية، أولا من الغرب في الصراع مع الاتحاد السوفيتي، عندما أيدوا العناصر الراديكالية للمجاهدين، ثم، وكما أشارت بي نظير بوتو أن تلك الوسيلة ذاتها جاء استخدامها لجهة عمق استراتيجي. ولذا فمن المهم التفريق بين جماعتين في طالبان.

وعلى هامش مثل هذه الجدلية، فهناك الكثير الذي يطفو حول درجة الثقة بين باكستان وأفغانستان، وهنا أيضا أقول إن علينا في البلدين تعدي مفهوم العمق الاستراتيجي واستخدام العناصر الراديكالية كعملاء، بالنيابة عن أجندة سياسية أوسع.

وهنا أؤكد أن أفغانستان على استعداد لتقديم كل ما يمكنها تقديمه من ضمانات، بأن أفغانستان المستقرة ستصبح مصدر قوة لباكستان، وليست معارضة لمصالحها. ولنا أن نستدعي هنا وجود ذلك النمط من التعاون بين فرنسا وألمانيا كمثل، ومعلوم تاريخيا أنهما العدوان السابقان، ولكنهما يتعاونان الآن في أوروبا الجديدة. ذلك سيصبح أفضل بالنسبة لأمننا معا. وهذه هي الرؤية التي لدي بالنسبة للمنطقة.

وتقديري أن أهم شيء تحتاجه أفغانستان، هو بناء مواردنا البشرية ومؤسساتنا، وجيشنا وشرطتنا وإدارتنا ونظامنا القضائي، مثلما نحتاج في المقابل إلى رفع مستوى الحكومة.

وبالرغم من أن الموقف تحسن في الآونة الأخيرة، فإن القصف الخاطئ للمدنيين الأفغان من قبل الناتو أو القوات الاميركية، والذي حدث لعدم وجود قوات كافية على الأرض، هو أمر مؤلم. ولكني لست متأكدا من أن إرسال مزيد من القوات، هو الرد على الإشكالية القائمة.

فبالنسبة لنا ليست الحرب هنا فقط، بل هي في مكان آخر. وبالتالي فإن الجهود يجب أن تتركز في مجال التدريب والملاذات التي ينطلق منها الإرهاب. وحتى لا يتم الخلط، أقول إن باكستان ليست ملاذا، نعم لقد كانت في الماضي ولكننا استرددناها.

أما عن أسامة بن لادن فقولي انه ليس في أفغانستان، لأنه لا يمكنه الاختفاء هنا. ولذا لا بد من وجوده في مكان يمكنه الاختفاء فيه.

* رئيس أفغانستان. والمقال مأخوذ من حوار له مع خدمة «غلوبال فيو بوينت» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»).