الحيوان وظلم الإنسان

TT

يعتز الاوروبيون بحبهم للكلاب والقطط والارانب والحيوان عموما. كثيرا ما تفضل نساؤهم الكلب على الرجل، وهذه عاطفة كثيرا ما اشارك فيها وانا أرى وأتابع أخبار بعض الناس الذين ابتلينا بهم واتردد في ذكر اسمائهم خوفا من اسنانهم وعضهم. ولكن ظلم الانسان لأخيه الحيوان يأبى ان يزول وغريزة حب الانتقام الاعمى لا تلبث حتى تظهر. التفت الى ذلك وانا اقرأ قرار المحاكم البريطانية بقتل كلب من نوع الروتفايلر وإعدامه رميا بالرصاص عقوبة له لقيامه بأكل الطفل ارشيلي البالغ من العمر 13 شهرا. هذا خبر كثيرا ما يتردد في الغرب، وربما في كل العالم. كلما اعتدى كلب على احد عاقبوه بقتله. إنها غريزة الانتقام البدائية الفجة. لماذا لم يعاقبوا صاحب الكلب الذي لم يحسن تربية كلبه، او لم يربطه بسلسلة، او لم يعبأ بمراقبته؟ لماذا لم يعاقبوا اسرة الطفل التي تركت ابنها عرضة للكلاب؟ قيام الكلب بعض الطفل واكله يوحي بأنه كان جائعا. انا اعرف اننا لا نعاقب بالقتل من يجيع الناس، ولكن الا يجدر بنا ان نعاقب من يجيع الكلاب؟

معاقبة هذا الكلب القاتل بدون التحري في ظروفه وتربيته ونفسيته استمرار لسلوك البشر بالانتقام من كل القتلة، اللهم باستثناء من يقتل شعبه. إذا كان هذا عدلا وشرعا فلماذا لا يعاقبون الكلبة بجريمة الزنى اذا سمحت لكلب بمواقعتها؟ لماذا لا يطبقون احكام الاغتصاب على الكلب الروتفايلر الزاني بكلبة بودل قاصرة؟ لماذا لا يعاقبونها على سيرها في الشوارع والمحلات العامة سافرة بدون الستر على نفسها؟ لماذا لا يعاقبون اي كلب يعاكس كلبة جميلة ويراودها عن نفسها؟

رأيت قبل ايام كلبة تسير في شوارع ويمبلدون بلندن وهي متدثرة بثوب يغطي كل بدنها ووضع صاحبها قبعة تحجب الانظار عن رأسها وكل جدائل شعرها. قلت، الحمد لله. لا بد ان يكون صاحبها هذا مواطنا من عالمنا حرص على ستر كلبته وشرفها. ولكن لم تمر غير دقائق قليلة حتى خرج صاحبها الانجليزي من البنك قابضا على ما سحبه من نقود. لاحظ انني كنت اعاين كلبته باهتمام وإعجاب. التفت الي واشار الى السماء ثم قال «برد فظيع في هذه الايام. حرام علي ان اعرضها لهذا الجو». ولم يكن على الرجل غير قميص قصير وسروال خفيف. فنظرت اليه الكلبة بحنان وعطف.

تأملت فيها وهي تعبر شارع الكساندرا وقلت، ماذا لو ان هذه الكلبة مرت بمثقف عربي، شاعر او اديب، او مفكر وطني، وخطر لها ان تهجم عليه وتعضه من حنجرته وترديه قتيلا عقابا له على ما كتبه ونظمه؟ هل ستحكم المحاكم البريطانية عليها ايضا بإلاعدام رميا بالرصاص؟ آه من ظلم الانسان للحيوان!