لا أفيق منها أبداً

TT

قيل لأعرابي: ما يمنعك أن تغزو؟، فقال: والله إني لأبغض الموت على فراشي فكيف أمضي له ركضاً؟!.

يبدو لي ـ والله أعلم ـ أنني صورة طبق الأصل من ذلك الأعرابي (الشجاع الرعديد)، بل انني أكاد أجزم أنني (مستنسخ) من صلبه بطريقة بدائية جداً.

ولو أن كل البشر كانوا على شاكلتي، فإنني متأكد تماماً انه لم تحدث قط أية (غزوة) في طول التاريخ وعرضه.. اللهم إلاّ من بعض الغزوات الليلية الحميمة التي لا تذكر، والتي تعتبر من (ألممّ).

***

في بلد عربي ـ لا أريد أن أسميه ـ، وقعت حادثة لجندي بوليس في رابعة النهار.

فقد فوجئ الجميع في الشارع برجل يوجه ضربة هائلة لرأس الجندي لتلقيه على الأرض فاقد الوعي، وعندما قبضوا عليه، كانت حجته غير المقنعة: انه شاهد نحلة كبيرة تقف على عنق الجندي وفوق ياقته، وخاف أن تلسعه، لهذا ضربها بأقصى ما يستطيع من قوة.

وعندما سمع المتجمهرون من حوله حجته تلك، صفقوا وهتفوا له معجبين.

في الوقت الذي كبلت فيه الشرطة يديه بالأغلال وساقته إلى القسم.

وضربة ذلك المعتوه لذلك الجندي تختلف عن ضربة بائع سمك في (جوتنبرغ) لزوجته، حيث انه غضب منها في حانوته، فما كان منه إلاّ أن يضربها بكل ما أعطاه الله من قوة، ضربها على مؤخرتها بثعبان مائي حي، وأخذت تصيح.

فقبضوا عليه، وحكم عليه القاضي بغرامة مالية.

والى هنا فالحكم يبدو لأول وهلة عادلاً ومقنعاً، فالكل ضد ضرب الزوجات.

غير أن ما يدعو للعجب أن القاضي حكم بتلك الغرامة على الرجل ليس لأنه ضرب زوجته، ولكن لأنه عذب وقسا على الثعبان بتلك الضربة (!!).

والأدهى والأمر أن ذلك القاضي (غير الطبيعي) لم يتوقف على هذه الحيثية، ولكنه أردف قائلاً: إن جسم تلك المرأة الزوجة كان كبيرا جداً، وهي كذلك قبيحة جداً، فما ذنب ذلك الثعبان المسكين أن يضرب عليه؟!.

وختم كلامه قائلاً: لو انها كانت غير ذلك لتغير حكمي قطعا.

ثم رفع الجلسة (!!)، فما رأيكم؟!، ولو كنتم في مكانه ماذا تحكمون؟!

***

يقول أحد الحكماء: إن السكر خمسة أنواع: سكر الشراب، وسكر الشباب، وسكر المال، وسكر الهوى، وسكر السلطان.

وأقول أنا: اللهم أبعدني عن أولها وآخرها، أما الثلاث الباقيات فأهلاً وسهلاً بها، وأعدكم أنني سوف أصبح وأمسي عليها، ولا أفيق منها أبداً.

[email protected]