كنت أجلس في مطعم عربي في باريس، ورحنا نقارن بين خدمات المطاعم العربية، وأجمعنا على أن أفضلها هو المطعم اللبناني: نظام ونظافة وحفاوة، فأنت تدخل المطعم فيستقبلك صاحبه والجرسونات استقبال الرؤساء، وهم لا يعرفونك.. وليس من الضروري ذلك، ويفسحون لك مكانا هنا أو هناك ويخيرونك أين تحب أن تجلس..
وتستمر الحفاوة في عدد الأطباق الصغيرة والكبيرة، وكأنك الزبون الوحيد، مع أن المطعم مليء بالضيوف.. إلا مرة واحدة عندما ذهبت إلى مطعم لبناني فمنعني الحراس، فقد كان الشيخ سعد الحريري قد استضاف الرئيس الفرنسي ساركوزي!
وكان المطعم المغربي أقلها في النظافة والنظام والحفاوة، فهو لم يتطور مطلقا، لا الأضواء ولا المقاعد ولا الطعام، ولا أحد يبذل جهدا ولا في نيته إغراؤك بالعودة اليه، فهم يقدمون الكسكس والشوربة بنفس الطريقة منذ عشرات السنين.
أما المطاعم الإيطالية فهي أكثرها انتشارا، وبسبب الزحام الشديد فيها وعليها فليس عندها وقت للحفاوة بك أو تنويع المقبلات والأطعمة، فالمطعم الإيطالي محبوب من الجميع، وقد يتجاوز ثلاثة مطاعم إيطالية في شارع واحد، ونجدها جميعا مزدحمة، فليست المطاعم ولا الحفاوة بك، وإنما المطبخ الإيطالي لذيذ..
وأسوا المطاعم جميعا: المطبخ الإنجليزي، فلا تنويع ولا اهتمام بك، جئت أو ذهبت إلى غيره، والانجليز لا يملون أكل البطاطس صباحا وظهرا ومساء، كل أنواع البطاطس.
والمطعم الفرنسي جميل، ولكنه لا يهتم بكمية الطعام وإنما بكيفية الطعام.. أي شكله في الأطباق، وليس مشبعا، وإذا أردت إن تشبع ـ إن كنت شرقيا ـ فيجب أن تأكل الوجبة الواحدة مرتين.. إلا إذا كنت مفتوح الشهية قادرا على ابتلاع وهضم اي شي، والمثل الشعبي المصري يقول: المعدة السليمة تهضم الزلط.. والمريضة لا تهضم حتى الماء!